ماهية الجريمة وتقسيماتها
المبحث الأول - ماهية الجريمة و مقارنتها بغيرها من الجرائم :
أولا – ماهية الجريمة :
سيرا على نهج اغلب التشريعات الجنائية لم يعرف المشرع الإماراتي الجريمة فقد تركت هذه المهمة للفقه، وقد تعددت التعريفات الفقهية للجريمة وإجمالا يمكن تعريفها بأنها "فعل غير مشروع صادر عن إرادة جنائية يقرر لها القانون عقوبة او تدبيرا احترازيا"0 ومن هذا التعريف يمكن استخلاص مقومات الجريمة :
ارتكاب فعل محظور جنائيا : 1-
لا تقوم الجريمة بمجرد العزم والتصميم على ارتكابها بل يتعين ان يتجسد هذا العزم بفعل مادي ملموس تقوم به الجريمة ويعرف بالجانب المادي للجريمة0 والمقصود بالفعل هنا هو سلوك إجرامي قد يتخذ صورة إيجابية او صورة سلبية 0ويتمثل السلوك الإيجابي في ارتكاب فعل يحظره القانون كمن يستعمل مسدسا في قتل شخص ومن يستعمل لسانه في قذف شخص ، أما السلوك السلبي فيتمثل في الكف عن إتيان فعل يأمر به القانون كامتناع الأم عن إرضاع طفلها حتى الموت0
والأصل ان تترتب على الفعل آثار مادية في العالم الخارجي يطلق عليها تعبير النتيجة مثل وفاة المجني عليه في القتل، الا ان النتيجة ليست عنصرا لازما في كل جريمة فقد ينص المشرع على مجرد السلوك دون النظر الى نتيجة تترتب عليه مثل جريمة حمل السلاح دون ترخيص ، ومعاقبة الشروع في الجريمة على الرغم من عدم تحقق نتيجة معينة0
عدم مشروعية الفعل : يجب ان يكون الفعل المرتكب غير مشروع طبقا لقانون العقوبات او القوانين المكملة له0 ويعد الفعل غير مشروع ومكونا لجريمة جنائية اذا تضمن التشريع الجنائي نصا يجرمه ولم يتوافر لحظة ارتكابه سبب من أسباب الإباحة التي ترفع عنه صفته غير المشروعة 0 فالقتل يعد جريمة لوجود نص في قانون العقوبات يجرمه ويعاقب عليه غير ان القتل لا يعد جريمة اذا ارتكب دفاعا عن النفس او المال فينقلب الى سلوك مشروع0
2-
صدور الفعل عن إرادة إجرامية : يراد بذلك صدور الأفعال عن إنسان لان غير الإنسان (الحيوان والجماد) ليس له إرادة ، والإرادة التي يعتد بها القانون يجب ان تكون مميزة مدركة وحرة مختارة فإذا لم تكن كذلك امتنعت مسئولية صاحبها عن الجريمة0 و يطلق على الأسباب التي تجرد الإرادة من قيمتها القانونية اصطلاح موانع المسئولية وهي صغر السن ، الجنون ، السكر غير الاختياري ، الإكراه وحالة الضرورة0 3-
وتتخذ الإرادة الإجرامية صورتين : الأولى صورة القصد الجنائي ويراد به اتجاه إرادة الجاني الى الفعل والنتيجة معا ، أما الصورة الثانية فهي الخطأ غير العمدي ويراد به اتجاه إرادة الجاني الى الفعل دون نتيجته0
الجزاء الجنائي المقرر للفعل : يترتب على ارتكاب الجريمة استحقاق الجزاء الذي يقرره لها القانون ، وهذا الجزاء له طابع جنائي يتخذ صورة العقوبة او التدبير الاحترازي 0
4-
ثانيا : الجريمة الجنائية وغيرها من الجرائم :
الجريمة الجنائية والجريمة المدنية : 1-
يقصد بالجريمة المدنية كل فعل خاطئ سبب ضررا للغير يلزم مرتكبه بالتعويض0 وإذا كانت الجريمة الجنائية تتفق مع الجريمة المدنية في ان كلا منهما تقوم بفعل غير مشروع الا انهما تختلفان في الآتي :
ان الجريمة الجنائية تفترض وجود نص سابق في قانون العقوبات او القوانين المكملة له يقرر التجريم والجزاء الجنائي المقرر ، وهو ما تفترضه الجريمة المدنية إذ لا سبيل الى حصرها مقدما بنصوص خاصة ، فهي تقع بأي خطأ يلحق ضررا بالغير0 أ-
تقوم الجريمة المدنية على وجود الضرر خلافا للجريمة الجنائية التي تقع ولو لم يترتب عليها ضرر للغير مثل الشروع في القتل وجريمة إحراز سلاح دون ترخيص0 ب-
للركن المعنوي في الجرائم الجنائية أهمية تفوق أهميته في الجرائم المدنية، فبعض الجرائم الجنائية لا تقوم الا اذا توافر القصد الجنائي لدى مرتكبها ، في حين يكفي لقيام الجرائم المدنية توافر الخطأ غير العمدي بل إنها قد تقوم دون خطأ0 ج-
يتمثل الجزاء المترتب عن الجريمة المدنية في إصلاح الضرر عن طريق التعويض، أما الجزاء الجنائي فيتمثل في صورة عقوبة او تدبير يمثلان رد فعل المجتمع عن الجريمة الجنائية0 ويلاحظ انه قد تنشأ عن الفعل الواحد جريمة جنائية وأخرى مدنية كما لو اعتدى شخص على اخر بالضرب الذي احدث به عاهة مستديمة، فالجريمة الجنائية هي الضرب الذي احدث عاهة مستديمة فتحرك النيابة العامة الدعوى الجنائية عنها لمعاقبة الجاني، أما الجريمة المدنية فهي الضرر الذي لحق بالمجني عليه فيجوز للمضرور رفع دعوى مدنية يطالب فيها بالتعويض0 د-
وعلى الرغم من ان الدعويين الجنائية والمدنية قد نشأتا عن فعل إجرامي واحد الا انهما تختلفان من حيث السبب والموضوع والخصوم 0 فسبب الدعوى الجنائية هو الجريمة أما سبب الدعوى المدنية هو الضرر الناتج عن هذه الجريمة ، وإذا كان توقيع العقوبة هو موضوع الدعوى الجنائية فموضوع الدعوى المدنية تعويض الضرر الذي لحق بالمضرور من الجريمة ، وأما من حيث الخصوم فان الدعوى الجنائية تباشرها النيابة العامة أما الدعوى المدنية فيباشرها المضرور من الجريمة0 *
ومع وجود هذا الاختلاف بين الدعويين فان هناك نوعا من الارتباط يتمثل في تبعية الدعوى المدنية للدعوى الجنائية من حيث الآتي :
جواز اختصاص المحاكم الجنائية بالنظر في الدعوى المدنية المرفوعة تبعا للدعوى الجنائية0 1-
اذا رفعت الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية وجب وقف الفصل فيها حتى يصدر حكم بات في الدعوى الجنائية المرفوعة قبلها او أثناء السير فيها0
2-
يكون للحكم الجزائي البات الصادر في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة او الإدانة حجية تلتزم بها المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها بحكم بات فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها الى فاعلها0
3-
الجريمة الجنائية والجريمة التأديبية : 2-
الجريمة التأديبية هي إخلال شخص ينتمي الى هيئة او مهنة معينة بالواجبات التي تفرضها عليه القواعد المنظمة لتلك الهيئة او المهنة إخلالا يترتب عليه الإضرار بمصالحها 0 وتختلف الجريمة التأديبية عن الجريمة المدنية فيما يلي:
تعد الجريمة الجنائية عدوانا على المجتمع بأكمله ، في حين ان الجريمة التأديبية تعد عدوانا على هيئة او مهنة معينة ينتمي اليها الفاعل0 أ-
يحدد المشرع الجنائي على سبيل الحصر الأفعال المكونة للجرائم الجنائية ويبين عقوبة كل منها ، بينما يكتفي القانون بتحديد الجزاءات التأديبية التي توقع نتيجة الإخلال بواجبات الوظيفة او المهنة التي ينتمي اليها الفاعل0 ب-
تختلف الجزاءات التأديبية عن الجزاءات الجنائية ، فالجزاء التأديبي يمس المركز الوظيفي فقط مثل التوبيخ ، الإنذار ، او الإيقاف عن العمل او الفصل0 ج-
قد ينشأ عن الفعل الواحد جريمة جنائية وجريمة تأديبية مثال ذلك اختلاس الموظف أموالا في عهدته0 فرفع الدعوى الجنائية لا يمنع من محاكمته تأديبيا ، ولا يوقف الفصل في الدعوى التأديبية المقامة عليه لحين الفصل في الدعوى الجنائية بحكم بات إذ لا حجية للحكم البات الصادر في الدعوى الجنائية على الدعوى التأديبية ، فالحكم الصادر ببراءة المتهم لا يحول دون توقيع الجزاء التأديبي عليه0
د-
ثالثا : الهيكل القانوني للجريمة :
تقوم الجريمة بتوافر أركانها كما حددها النص القانوني، وهذه الأركان قد تكون عامة او خاصة وقد يلحق بالجريمة ظروف تشدد العقاب او تخففه :
1- أركان الجريمة : تنقسم أركان الجريمة الى أركان عامة و أخرى خاصة.
الأركان العامة للجريمة : أ-
يلزم لقيام الجريمة توافر ركنين : ركن مادي وركن معنوي :
الركن المادي : هو الفعل الذي يحقق الاعتداء على الحق الذي يحميه القانون، ويقوم الركن المادي على عناصر ثلاثة : الفعل (السلوك الإجرامي الإيجابي او السلبي) والنتيجة وعلاقة السببية بين الفعل والنتيجة0 *
الركن المعنوي : هو الإرادة التي يقترن بها الفعل 0 وقد يتخذ الركن المعنوي صورة العمد فيتوافر به القصد الجنائي وتوصف الجريمة بأنها عمدية، كما قد يتخذ الركن المعنوي صورة الخطأ غير العمدي فتوصف الجريمة بأنها غير عمدية0 *
وقد ذهب جانب من الفقه الجنائي الى ان للجريمة ركن ثالث هو الركن الشرعي ويقصد به البعض توافر النص القانوني الذي يجرم الفعل ويقرر له عقوبة بينما يقصد به البعض الآخر الصفة غير المشروعة التي يكتسبها الفعل نتيجة خضوعه لنص تجريم وعدم خضوعه لسبب اباحة0
وقد انتقد هذا الرأي استنادا الى انه من غير المنطقي اعتبار نص التجريم ركنا في الجريمة في حين انه خالقها ومصدر وجودها، فالنص هو الذي يخلق الجريمة قانونا ويحدد أركانها فكيف يقال ان الخالق عنصر فيما يخلق0 كما ان اعتبار نص التجريم او عدم مشروعية الفعل ركن في الجريمة يقتضي توافر علم الجاني بتجريم القانون للفعل حتى يتوافر لديه القصد الجنائي ، مما يستتبع القول بعدم توافره اذا لم يكن الجاني عالما بتجريم الفعل مع انه من المسلم ان الجهل بقانون العقوبات لا ينفي القصد ولا يعد عذرا0
الأركان الخاصة للجريمة : قد يتطلب النموذج القانوني للجريمة فضلا على الركنين المادي والمعنوي عناصر اخرى يطلق عليها الأركان الخاصة بالجريمة التي لا يلزم توافرها في كل جريمة0 والأركان الخاصة هي : الركن المفترض و شرط العقاب0 ب-
الركن المفترض : هو ذلك الركن الذي يفترض القانون توافره وقت مباشرة الجاني نشاطه وبدونه لا يوصف هذا النشاط بأنه جريمة0 ويوجب القانون توافر الركن المفترض من اجل وجود الجريمة او من اجل اعتبارها من نوع معين (جناية او جنحة) 0 ومن أمثلة الركن المفترض ما يلي : أ-
ان يكون المجني عليه حيا في جريمة القتل (المادة 332 ع0إ)0 -
ان يكون المال المختلس مملوكا لغير الجاني في جريمة السرقة (المادة 382 ع0إ)0 -
وجود دعوى في جريمة شهادة الزور (المادة 253 ع0إ)0 -
حالة الحمل في جريمة الإجهاض (المادة 340 ع0إ)0 -
ويلاحظ ان الركن المفترض سابق على وقوعها ويترتب على ذلك الآتي :
ان توافره لا يتحقق به البدء في التنفيذ الذي يقوم به الشروع0 1-
ان مكان وقوع الجريمة يتحدد بمكان وقوع ركنها المادي او جزء منه لا بالمكان الذي يتحقق فيه ركنها المفترض0 2-
ان إثبات الركن المفترض يخضع لوسائل الإثبات المقررة في القانون الذي ينتمي العنصر اليه ، فصفة المواطن في جريمة الالتحاق بقوات العدو تثبت وفقا لقانون الجنسية ، في حين ان الأركان العامة للجريمة تخضع في إثباتها للقواعد المقررة للإثبات في المسائل الجنائية0
3-
شرط العقاب : هو ذلك العنصر الذي يتطلبه القانون ليس لقيام الجريمة وإنما لكي يوقع العقاب المقرر لها ، فالجريمة تتوافر بتوافر ركنيها المادي والمعنوي0 ب-
ومن أمثلة شرط العقاب التنبيه بالدفع على المحكوم عليه بدفع نفقة لزوجته او أقاربه حتى يعاقب على جريمة الامتناع عن دفع النفقة (المادة 330 ع0إ) وضبط المتهم في حالة تلبس حيث يكون العقاب معلقا على هذا الضبط كما هو الشأن في جريمة تحريض المارة على الفسق بالقول او الإشارة (المادة 360 ع0إ)0
ظروف الجريمة : هي تلك العناصر التي تلحق بالجريمة وقد لا تلحق بها وعدم وجودها لا يؤثر في قيام الجريمة أما وجودها فيترتب عليه تغيير في العقوبة المقررة لها بالتخفيف او بالتشديد.
أ- أنواع الظروف : ظروف الجريمة نوعان
2-
الظروف التي تغير من وصف الجريمة : هي عناصر تدخل في تكوين الجريمة وتعد من أركانها لان اقترانها بالجريمة يحولها الى وصف قانوني اخر ، ويترتب على ذلك خضوعها لنص قانوني مختلف عن النص الذي كانت تخضع له قبل اقترانها بالظرف0 *
مثلا : جنحة السرقة البسيطة الواردة في المادة 390 ع0إ اذا اقترنت بالإكراه تغير وصفها القانوني وأصبحت جناية سرقة بالإكراه تخضع لنص المادة 385
الظروف التي تغير من العقوبة : هي الظروف التي لا يقتصر أثرها على تغيير العقوبة تشديدا او تخفيفا، فلا تدخل في أركان الجريمة وتظل الجريمة على وصفها وخاضعة لذات النص القانوني. *
ب - تقسيم الظروف : تتعدد تقسيمات الظروف تبعا للأسس التي يقوم عليها التقسيم0
من حيث تأثيرها على العقوبة : تنقسم الى ظروف مشددة و ظروف مخففة و ظروف معفية من العقاب0 فمن أمثلة الظروف المشددة وقوع القتل العمد مع سبق الإصرار او الترصد ، الإكراه وحمل السلاح في السرقة0 ومن أمثلة الظروف المخففة صغر السن ، ومن أمثلة الظروف المعفية صلة الزوجية او الأبوة او الاخوة في جريمة الموظف غير المكلف بالبحث عن الجرائم او ضبطها وأهمل او أرجأ إبلاغ السلطات المختصة بجريمة علم بها أثناء او بسبب تأدية وظيفته0 1-
من حيث مصدرها : تنقسم الى ظروف قانونية وظروف قضائية ، فالظروف القانونية هي التي نص عليها القانون صراحة أما الظروف القضائية فهي التي يستخلصها القاضي من وقائع الدعوى0 2-
من حيث طبيعتها : تنقسم الظروف الى ظروف عينية مادية وظروف شخصية0
3-
الظروف العينية : هي التي تتصل بالركن المادي للجريمة كزمان ارتكاب الجريمة مثل ظرف الليل في السرقة (م 382/1 ع0إ) او مكان ارتكابها كالمحل المسكون او محل العبادة في جريمة السرقة ، او الوسيلة المستخدمة في ارتكابها كالسم في جريمة القتل 0
أ-
الظروف الشخصية : تتعلق بالركن المعنوي للجريمة او تقوم على توافر صفة خاصة في الجاني كصفة الخادم في السرقة وصفة الموظف في جريمة تزوير الأوراق الرسمية 0 ب_
من حيث نطاق تطبيقها : تنقسم الى ظروف عامة وظروف خاصة: 4-
الظروف العامة : هي التي تنطبق على جميع الجرائم مثل ظرف العود0 أ-
الظروف الخاصة : هي التي يقتصر أثرها على جريمة معينة او جرائم محدودة كصفة الطبيب في جريمة الاعتداء المفضي الى إجهاض ، وصفة سبق الإصرار الذي يقتصر على القتل او الجرح او الضرب0
المبحث الثاني : تقسيمات الجرائم ب-
يقوم الفقه بتقسيم الجرائم أقساما عدة تختلف باختلاف الضابط الذي يحتكم اليه0
أولا : تقسيم الجرائم بحسب جسامتها (الجنايات - الجنح - المخالفات) :
ماهية التقسيم : يعتبر تقسيم الجرائم بحسب جسامتها من أهم التقسيمات التي قيل بها وأخذت به العديد من قوانين الدول0 ويحتكم المشرع في هذا التقسيم الى جسامة الجريمة ، وتتوقف هذه الجسامة على طبيعة المصلحة المحمية والاعتداء الواقع عليها0 وتنقسم الجرائم تبعا لهذا التقسيم الى جنايات ، جنح ومخالفات0 وقد رصد المشرع لكل نوع من هذه الجرائم عقوبات معينة فهناك عقوبات خاصة بالجنايات وثمة عقوبات للجنح وأخرى للمخالفات، فنوع العقوبة ومقدارها يدل على نوع الجريمة0 1-
وقد تبنى المشرع الإماراتي هذا التقسيم في المادة 26/2 وعرف كل نوع من الجرائم في المواد 28 و 29 و 30 0
تنص المادة (28) على " ان الجناية هي الجريمة المعاقب عليها بإحدى العقوبات الآتية :
اية عقوبة من عقوبات الحدود او القصاص فيما عدا حدي الشرب والقذف0 1-
الاعدام0 2-
السجن المؤبد0 3-
السجن المؤقت0 " 4-
وتنص المادة (29) على " ان الجنحة هي الجريمة المعاقب عليها بعقوبة او اكثر من العقوبات الآتية :
الحبس0 1-
الغرامة التي تزيد على الف درهم0 2-
الدية 0 3-
الجلد في حدي الشرب والقذف0
4-
ونص في المادة (30) على انه " تعد مخالفة كل فعل او امتناع معاقب عليه في القوانين او اللوائح بالعقوبتين التاليتين او بإحداهما :
الحجز لمدة لا تقل عن أربع وعشرين ساعة ولا تزيد على عشرة ايام0000 1-
الغرامة التي لا تزيد على الف درهم.
2-
معيار التقسيم :
اتخذ المشرع الإماراتي نوع العقوبة المقررة للجريمة معيارا لتقسيم الجرائم حيث تنص المادة 26/3 على انه "يحدد نوع الجريمة بنوع العقوبة المقررة لها 000" فإذا كانت الجريمة معاقبا عليها بالإعدام او السجن المؤبد او المؤقت فهي جناية ، أما اذا قرر لها المشرع عقوبة الحبس فهي جنحة0 غير ان المسألة تدق اذا كانت العقوبة المقررة هي الغرامة لأنها مشتركة بين الجنح والمخالفات ، ويكمن معيار التفرقة بينهما في الحد الاقصى المقرر للغرامة، فإذا زادت قيمة الغرامة على الف درهم كانت الجريمة جنحة وإذا لم تزد على ذلك كانت مخالفة0 2-
والعبرة هي بالعقوبة التي يقررها القانون وليس ما تقضي به المحكمة بالفعل، فإذا حدد النص لجريمة عقوبة الغرامة التي تزيد عن الف درهم فهي جنحة وان حكمت المحكمة بالغرامة التي تقل عن الف درهم0
أهمية التقسيم : 3-
أولا : بالنسبة لاحكام قانون العقوبات :
بالنسبة للشروع في الجريمة ، الأصل ان الشروع معاقب عليه في الجنايات مالم ينص على خلاف ذلك (المادة 35/1 ع0إ) في حين انه لا يعاقب على الشروع في الجنح الا بنص خاص (المادة 36 ع0إ) أما المخالفات فلا عقاب على الشروع فيها0
1-
يعاقب القانون الاتفاق الجنائي اذا كان محله جناية او جنحة ولا عقاب على الاتفاق على ارتكاب مخالفة (المادتان 172 و 192 ع0إ)0 2-
تقتصر احكام العود على الجنايات والجنح دون المخالفات (المادة 106 ع0إ)0 3-
يقتصر نظام الظروف المخففة على الجنايات والجنح دون المخالفات (المادتان 98 و100 ع0إ) 4-
يقتصر مجال تطبيق نظام المصادرة على الجنايات والجنح دون المخالفة (المادة 82 ع0إ) 5-
يجوز للقاضي الحكم بوقف تنفيذ العقوبة في الجنايات والجنح دون المخالفات لبساطة عقوبتها0
6-
ثانيا : بالنسبة لاحكام قانون الإجراءات الجزائية :
التحقيق الابتدائي وجوبي في الجنايات (المادة 65 ق إ ج إ) دون الجنح والمخالفات، حيث يجوز رفع الدعوى عنها بناء على محضر جمع الاستدلالات (المادة 120 ق إ ج إ) 0 1-
لا يكون صدور الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في الجنايات الا من رئيس النيابة العامة ، ولا يكون نافذا الا بعد مصادقة النائب العام عليه (م 118/2 ق إ ج) خلافا للجنح فهذا الأمر من اختصاص سائر أعضاء النيابة العامة0 2-
تصرف النيابة العامة في الجنايات يقتصر على رئيس النيابة (م 121 ق0 إ0 ج) خلافا للجنح والمخالفات حيث يمكن لسائر أعضاء النيابة ذلك (المادة 120 ق0 إ0 ج)0 3-
تنقضي الدعوى الجزائية في الجنايات التي يحكم فيها بالإعدام او السجن المؤبد بمضي عشرين سنة ، وفي الجنايات بمضي عشر سنوات ، وفي الجنح بمضي ثلاث سنوات ، وبمضي سنة واحدة في المخالفات (م 20/2 ق0 إ0 ج)0 4-
باستثناء جرائم الحدود والقصاص والدية تسقط العقوبة المحكوم بها في جناية بمضي 20 سنة الا عقوبة الإعدام فإنها تسقط بمضي 30 سنة ، و تسقط العقوبة المحكوم بها في جنحة بمضي 5 سنوات ، و تسقط العقوبة المحكوم بها في المخالفة بمضي سنتين (م 315 ق0 إ0 ج)0 5-
لا يجيز القانون المعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة في الجنايات بينما تجوز المعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة في الجنح والمخالفات (م 229 ق0 إ0 ج0 إ) 0 6-
لا يجوز الطعن بالنقض الا في الأحكام الصادرة من محكمة الاستئناف في جناية او جنحة ولا يجوز ذلك في المخالفات (م 244 ق إ ج إ)0
7-
الصعوبات التي تعترض هذا التقسيم : يتعين التفرقة بين حالتين : 3-
أولا : في حالة الحكم بعقوبة أخف مما يقرره القانون : يقصد بتخفيف العقاب ان يستبدل القاضي العقوبة المقررة قانونا للجريمة بعقوبة أخف منها نوعا ومقدارا0 ويلاحظ ان أسباب التخفيف نوعان هما : الأعذار القانونية المخففة، والظروف القضائية المخففة، والفرق بينهما ان التخفيف عند توافر العذر إلزامي للقاضي، في حين انه جوازي عند توافر الظروف القضائية المخففة0 وقد أورد المشرع الاتحادي احكام الأعذار المخففة في المواد 96 ، 97 و 99 من ق0 ع0 إ ، أما الظروف القضائية المخففة فقد ورد حكمها في المادتين 98 و 100 من ق0 ع0 إ 0
وحسما للمسألة المتعلقة بكيفية تحديد نوع الجريمة اذا توافر فيها سبب من أسباب التخفيف (عذر ام ظرف قضائي) ، فقد نصت المادة 27 ع0 إ على ان العبرة بالعقوبة التي حددها القانون للجريمة أصلا ولا يتغير نوع الجريمة بالعقوبة التي تحكم بها المحكمة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك0
ثانيا : حالة الحكم بعقوبة اشد مما يقرره القانون أصلا : تفترض هذه الحالة ان القانون يقرر للجريمة عقوبة الجنحة ولكن لتوافر سبب من أسباب التشديد نطق القاضي بعقوبة الجناية، كما لو كانت الجريمة المرتكبة جنحة ولكن الجاني كان عائدا وتوافرت لعوده شروط معينة فانه يجوز للقاضي الحكم عليه بعقوبة الجناية ( المادتان 107 و108 ق0 ع0 إ0) 0 وأسباب التشديد نوعان : وجوبية تلزم القاضي بتشديد العقوبة كما هو الحال في ظرف الإكراه في جريمة السرقة ، وتكون جوازية اذا كان للقاضي الخيرة بين عقوبتي الجناية و الجنحة كظرف العود مثلا0
وقد أجمع الفقه على انه اذا كان سبب التشديد وجوبيا فانه يؤثر في التكييف القانوني للواقعة فيقلبها من جنحة الى جناية 0 أما اذا كان سبب التشديد جوازيا فقد اختلف رأي الفقه والراجح ان الجريمة تعتبر جناية لان المشرع قرر لها حدين، الأدنى هو عقوبة الجنحة والأقصى هو عقوبة الجناية ، والعبرة في تحديد نوع الجريمة هي بالحد الاقصى المقرر لعقوبتها ومن ثم وجب اعتبار جريمة العائد جناية0
تقدير التقسيم الثلاثي : وجه الى هذا التقسيم عدة انتقادات أهمها ما يلي : 4-
انه تقسيم غير منطقي لانه يحدد نوع الجريمة على أساس جسامة العقوبة المقررة لها في حين ان جسامة العقوبة هي التي تترتب على نوع الجريمة وجسامتها0 أ-
ويرد عليه بان المشرع حدد جسامة كل جريمة ثم قرر العقوبة المناسبة لها، فجسامة العقوبة مقياس واضح وسهل التطبيق تحدد به جسامة كل جريمة0
ان هذا التقسيم يقوم على معيار مصطنع لانه اعتمد على آثار الجريمة ولم يعتمد على طبيعتها ومكوناتها، بل ان الجنايات والجنح من طبيعة واحدة بدليل إمكان تحول الجناية الى جنحة او العكس اذا توافر عذر قانوني او ظرف مشدد معين0 ب-
ويرد على هذا النقد بان المشرع عندما وضع التقسيم الثلاثي للجرائم قدر جسامة كل جريمة وفرق بين الجرائم من حيث جسامتها واضعا في اعتباره اختلاف طبيعتها وعناصرها0
ثانيا : تقسيم الجرائم بحسب طبيعة ركنها المادي :
الجرائم الإيجابية والجرائم السلبية : 1-
معيار التقسيم : يستند هذا التقسيم الى طبيعة السلوك الإجرامي ، ولهذا السلوك مظهران أحدهما إيجابي يتمثل في القيام بعمل والآخر سلبي يتمثل في الامتناع عن عمل0 وعلى ذلك فان الجريمة الإيجابية هي التي يتكون ركنها المادي من عمل إيجابي ينهي عنه القانون ، كأن يستعمل الجاني يده في جريمة السرقة وتحريك لسانه في جريمة القذف 0 أما الجريمة السلبية فهي التي يتكون ركنها المادي من امتناع الجاني عن إتيان فعل يوجب القانون إتيانه ، مثال ذلك امتناع الشاهد عن الحضور للإدلاء بشهادته أمام القاضي (م 261 ع0 إ) ، ويلاحظ ان القانون يعاقب على مجرد الامتناع دون اشتراط حدوث نتيجة معينة كـأثر لهذا الامتناع0 أ-
وليس لهذا التقسيم أهمية من الناحية العملية باستثناء نظرية الشروع في الجريمة، حيث لا يتصور الشروع في الجرائم السلبية التي إما تقع كاملة بإتيان الامتناع او لا تقع مطلقا0
وقوع الجريمة الإيجابية بطريق الامتناع : *
ان النص القانوني هو الذي يحدد ما اذا كانت الجريمة إيجابية ام سلبية ومع ذلك فقد يسكت النص عن وصف الركن المادي للجريمة ويحتمل ان يقع بفعل إيجابي او امتناع فالجريمة تكون إيجابية او سلبية بحسب الوضع الذي يتخذه النشاط الإجرامي كجريمة القتل الخطأ قد يكون الإهمال بفعل او امتناع0
فإذا كان الامتناع مسبوقا بعمل إيجابي كمن يضرب شخصا ضربا مبرحا ثم يتركه في مكان منعزل محروما من وسائل الحياة بقصد القتل فلا خلاف في الفقه في مسئولية صاحبه عن قتل عمد اذا توافر لديه القصد الجنائي0 أما في حالة وجود امتناع خالص فهل يصلح لقيام الجريمة الإيجابية به ؟
إختلف الفقه الجنائي حول هذه المسألة فذهب الفقه الفرنسي الى عدم وقوع الجريمة الإيجابية بطريق الامتناع فلا يمكن للعدم ان يكون سببا لنتيجة ايجابية0 أما الفقه المصري فذهب الى ان الجريمة الإيجابية تقع بالفعل الإيجابي كما تقع بالامتناع أيضا لان كلاهما من مظاهر الإرادة الإنسانية ، غير انه يشترط لقيام الجريمة بالامتناع ما يلي :
ان يكون على الممتنع التزام قانوني او تعاقدي بأداء عمل يمنع وقوع الجريمة ويخالف هذا الالتزام كامتناع الأم عن إطعام طفلها0 1-
ان يكون الامتناع هو السبب الذي احدث النتيجة التي يعاقب عليها القانون0 2-
ان يكون في استطاعة الجاني تنفيذ الالتزام ولكنه يمتنع عن القيام به0 3-
وفي دولة الامارات يسوي قانون العقوبات الاتحادي بين السلوك الإيجابي والسلوك السلبي في تكوين الركن المادي للجريمة وذلك بمقتضى المادة 31 ع0 إ) 0
الجرائم الوقتية والجرائم المستمرة : 2-
معيار التقسيم : هو الزمن الذي يستغرقه تحقق الفعل المكون للجريمة0 فالجريمة الوقتية هي التي يبدأ السلوك الإجرامي وينتهي في لحظة واحدة ، مثال ذلك جريمة القتل التي تتم وتنتهي لحظة إزهاق الروح0 وقد عرف المشرع الاتحادي الجريمة الوقتية في المادة 33/1 ع0 إ ، ويلاحظ ان الجريمة تظل وقتية ولو ترتب عليها آثار تمتد خلال زمن طويل، فالسرقة جريمة وقتية رغم ان حيازة الشيء المسروق تمتد زمنا طويلا0
أ-
أما الجريمة المستمرة فتتكون من فعل يقبل الاستمرار فترة من الزمن ويتطلب تدخلا متجددا من إرادة الجاني للإبقاء على حالة الاستمرار بعد قيامها0 وقد عرفها المشرع الإماراتي في المادة 33/3 ع0 إ ، والجريمة المستمرة قد تكون إيجابية مثل إخفاء الأشياء المسروقة او المتحصلة من جناية او جنحة0 وقد تكون سلبية مثل الامتناع عن تسليم طفل الى من له الحق في حضانته شرعا0
أهمية التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة : ب-
بالنسبة لقانون العقوبات : تظهر أهمية هذا التقسيم في المواضع التالية : 1-
من حيث تطبيق القانون من حيث الزمان : لا يسري القانون الجديد على الجرائم الوقتية السابقة على نفاذه الا اذا كان اصلح للمتهم، أما الجريمة المستمرة فينطبق عليها القانون الجديد متى أدركها ولو في جزء منها قبل انتهاء حالة الاستمرار سواء كان هذا القانون اصلح او أسوأ للمتهم0
أ-
من حيث تطبيق القانون من حيث المكان : تفترض الجريمة المستمرة تكرار ارتكابها في كل لحظة من الزمن الذي تستغرقه وهذا يعني أنها تعتبر واقعة في كل مكان قامت فيه حالة الاستمرار، فإذا امتدت الجريمة المستمرة في اكثر من إقليم فقانون عقوبات كل منها يسري عليها ، أما الجريمة الوقتية فينطبق عليها قانون الإقليم الذي ارتكبت فيه وحده0
ب-
بالنسبة لقانون الإجراءات الجزائية :
2-
من حيث الاختصاص : تختص بنظر الدعوى عن الجريمة الوقتية المحكمة التي وقعت في دائرة اختصاصها الجريمة، بينما تختص بنظر الدعوى عن الجريمة المستمرة جميع المحاكم التي وقعت في دائرتها حالة الاستمرار0
أ-
من حيث تقادم الدعوى الجنائية : يبدأ سريان مدة تقادم الدعوى الجنائية في الجريمة الوقتية من وقت ارتكابها، ويبدأ في الجريمة المستمرة من اليوم التالي لانتهاء حالة الاستمرار التي تستغرقها الجريمة0
ب-
من حيث قوة الشيء المحكوم فيه : يترتب على حجية الحكم البات انقضاء الدعوى الجنائية0 فالحكم الصادر في الجريمة الوقتية يحوز قوة الشيء المحكوم فيه بالنسبة للواقعة التي رفعت بها الدعوى ، فلا يجوز إعادة طرحها من جديد أمام القضاء0 أما الحكم الصادر في الجريمة المستمرة فانه يحوز قوة الشيء المحكوم فيه بالنسبة لجميع الوقائع السابقة على رفع الدعوى ، فإذا تجددت حالة الاستمرار بعد صدور هذا الحكم بتدخل الجاني في الإبقاء على الوضع المخالف للقانون فان ذلك يعد جريمة مستقلة تنشأ بها دعوى جنائية جديدة0 ج-
الجريمة الوقتية المتتابعة الأفعال : هي الجريمة التي تقع بارتكاب عدة أفعال متماثلة للاعتداء على حق معين تنفيذا لغرض إجرامي واحد ، فهي تقوم بتوافر الشروط التالية :
3-
تماثل الأفعال الإجرامية وتتابعها : تفترض هذه الجريمة أفعالا متماثلة ومتتابعة كل منها يعد جريمة اذا نظر اليه على حده كسرقة محتويات مخزن على دفعات0
أ-
وحدة الحق المعتدى عليه : يتعين ان يكون الاعتداء قد وقع على حق واحد ، فالسرقة وان تعددت تنال بالاعتداء حق الملكية0
ب-
وحدة الغرض الإجرامي : يجب ان تكون كل الأفعال قد ارتكبت بتصميم واحد تنفيذا لخطة إجرامية واحدة تعددت عناصرها ووسائل تنفيذها0 ج-
وقد نصت على الجريمة الوقتية المتتابعة الأفعال المادة 33/2 من قانون العقوبات الاتحادي0
احكام الجريمة المتتابعة الأفعال : *
من حيث احكام قانون العقوبات : 1-
يسري القانون الأشد على الجريمة المتتابعة الأفعال إذ عمل به قبل ارتكاب اخر هذه الأفعال ولو كانت بعض هذه الأفعال قد ارتكب في ظل القانون القديم الاصلح للمتهم0
أ-
لما كانت الجريمة ذات الأفعال المتتابعة ينحل فيها السلوك الإجرامي الى وحدات متماثلة من النشاط تتعاقب فيما بينها فإنها تعتبر واقعة في كل مكان ارتكب فيه فعل من الأفعال المتتابعة المكونة لها، وعلى ذلك ينطبق عليها قانون العقوبات الاتحادي اذا ارتكب بعض هذه الأفعال على إقليم الدولة وارتكب البعض الآخر في الخارج0
ب-
من حيث احكام قانون الإجراءات الجزائية : 2-
تحتسب المدة المحددة لسقوط الدعوى الجنائية الناشئة عن الجريمة المتتابعة الأفعال من اليوم التالي لاخر فعل من أفعال التتابع الداخلة في تكوين الجريمة0
أ-
من حيث قوة الشيء المحكوم فيه : تنصرف قوة الشيء المحكوم فيه الى جميع الأفعال التي سبقت صدور الحكم البات حتى وان كانت سلطة الاتهام تجهل بعضها لأنها كلها كانت محلا لجريمة واحدة0 فإذا صدرت عن الجاني الذي سبقت إدانته في جريمة وقتية متتابعة أفعال اخرى لاحقة لهذا الحكم فإنها تكون أفعال جديدة وليدة إرادة إجرامية جديدة فلا يشملها الحكم السابق وان كانت من نفس النوع السابق ووقعت على نفس المجني عليه.
ب-
ثالثا : الجرائم البسيطة وجرائم الاعتياد :
معيار التقسيم : هو وحدة السلوك الإجرامي او تكراره 0 فالجريمة البسيطة هي التي تتكون من سلوك إجرامي واحد سواء كان وقتيا او مستمرا او متتابعا مثال ذلك جريمة السرقة 0 أما جريمة الاعتياد فهي التي تتكون من عدة أفعال متشابهة يقوم بها الجاني معبرا عن اعتياده عليها، فلا يكفي لقيامها ارتكاب الفعل مرة واحدة لانه لا يشكل خطورة في نظر المشرع يستحق العقاب عليه ومن أمثلتها جريمة الاعتياد على الإقراض بربا فاحش (م 412 ع0 إ)0
1-
ما يلزم لتوافر الاعتياد : 2-
لم يحدد المشرع عدد الأفعال اللازم توافرها لقيام حالة الاعتياد تاركا هذه المسألة لرأي الفقه وتقدير القضاء0 وقد استقر القضاء على الاكتفاء بتكرار الفعل مرتين على الأقل لقيام الاعتياد ويلزم ان يكون كل فعل مستقل عن الآخر ، فجريمة الاعتياد على الإقراض بالربا الفاحش تقوم بعقد الجاني قرضين ربويين لشخصين او شخص واحد في وقتين مختلفين0
ولا تقوم جريمة الاعتياد الا في اللحظة التي يتم فيها مباشرة الفعل الأخير من الأفعال التي يتكون منها النشاط الإجرامي 0 وقد اختلف الفقه بشأن تحديد المدة التي ينبغي ان يحدث تكرار الفعل خلالها، والراجح هو الرأي الذي اشترط ألا تمضي بين الفعلين المتطلبين لقيام جريمة الاعتياد مدة تزيد على مدة تقادم الجريمة نفسها وهي ثلاث سنوات، على أساس انه اذا كانت هذه المدة كافية لانقضاء الدعوى بالتقادم عن جريمة تكاملت أركانها فمن باب أولى تكون كافية لسقوط الفعل الواحد الذي لم يعد جريمة بعد0
-
أهمية التقسيم : تتمثل أهمية تقسيم الجرائم الى جرائم بسيطة وجرائم اعتياد في الآتي :
3-
من حيث تقادم الدعوى الجنائية : يبدأ سريان مدة التقادم من تاريخ وقوع الجريمة البسيطة اذا كانت وقتية، ومن تاريخ انقطاع حالة الاستمرار اذا كانت مستمرة0 أما جرائم الاعتياد فتبدأ من تاريخ اخر فعل يدخل في تكوين الاعتياد0
أ-
من حيث الاختصاص : في الجريمة البسيطة يكون الاختصاص لمحكمة وقوعها، أما في جرائم الاعتياد فتختص المحكمة او المحاكم التي تقع في دائرتها أحد الأفعال الداخلة في تكوين الاعتياد. ب-
من حيث قوة الشيء المحكوم فيه : تنصرف حجية الحكم البات الصادر في جريمة الاعتياد على كل الأفعال السابقة على صدوره لأنها تشكل جريمة واحدة 0 ولا ينصرف الحكم السابق الى الأفعال اللاحقة لصدوره، فيمكن المحاكمة عنها استقلالا بشرط ان تتوافر لها صفة الاعتياد، فلا يكفي ارتكابها مرة واحدة بعد الحكم البات ولو تعددت قبله0
ج-
رابعا : الجرائم ذات النتائج والجرائم الشكلية
معيار التقسيم : 1-
الجرائم ذات النتائج هي التي يترتب على النشاط الإجرامي فيها نتيجة ضارة محددة بنص القانون0 وتعرف هذه الجرائم بجرائم الضرر لان ركنها المادي لا يقع تاما الا بتحقق نتيجة تلحق ضررا بالمصلحة التي يحميها القانون، مثل جريمة القتل اشترط القانون تحقق نتيجة معينة لقيامها هي إزهاق روح إنسان حي0 أما الجرائم الشكلية فركنها المادي يتمثل في فعل او امتناع ينص عليه التجريم دون اشتراط تحقق اي نتيجة ضارة، ففي هذه الجرائم لا تتوافر نتيجة مادية ومثالها جريمة إحراز السلاح دون ترخيص وإحراز المخدرات0
أهمية التقسيم : 2-
من حيث الشروع : الشروع لا يتصور الا في الجرائم ذات النتيجة ، أما الجرائم الشكلية فلا محل للشروع فيها لان السلوك الإجرامي فيها إما ان يقع فتقع الجريمة تامة وإما الا تقع فلا تكون هناك جريمة0 أ-
لا يثور بحث علاقة السببية الا في الجرائم ذات النتيجة ولا تبحث هذه العلاقة في الجرائم الشكلية0
المبحث الأول - ماهية الجريمة و مقارنتها بغيرها من الجرائم :
أولا – ماهية الجريمة :
سيرا على نهج اغلب التشريعات الجنائية لم يعرف المشرع الإماراتي الجريمة فقد تركت هذه المهمة للفقه، وقد تعددت التعريفات الفقهية للجريمة وإجمالا يمكن تعريفها بأنها "فعل غير مشروع صادر عن إرادة جنائية يقرر لها القانون عقوبة او تدبيرا احترازيا"0 ومن هذا التعريف يمكن استخلاص مقومات الجريمة :
ارتكاب فعل محظور جنائيا : 1-
لا تقوم الجريمة بمجرد العزم والتصميم على ارتكابها بل يتعين ان يتجسد هذا العزم بفعل مادي ملموس تقوم به الجريمة ويعرف بالجانب المادي للجريمة0 والمقصود بالفعل هنا هو سلوك إجرامي قد يتخذ صورة إيجابية او صورة سلبية 0ويتمثل السلوك الإيجابي في ارتكاب فعل يحظره القانون كمن يستعمل مسدسا في قتل شخص ومن يستعمل لسانه في قذف شخص ، أما السلوك السلبي فيتمثل في الكف عن إتيان فعل يأمر به القانون كامتناع الأم عن إرضاع طفلها حتى الموت0
والأصل ان تترتب على الفعل آثار مادية في العالم الخارجي يطلق عليها تعبير النتيجة مثل وفاة المجني عليه في القتل، الا ان النتيجة ليست عنصرا لازما في كل جريمة فقد ينص المشرع على مجرد السلوك دون النظر الى نتيجة تترتب عليه مثل جريمة حمل السلاح دون ترخيص ، ومعاقبة الشروع في الجريمة على الرغم من عدم تحقق نتيجة معينة0
عدم مشروعية الفعل : يجب ان يكون الفعل المرتكب غير مشروع طبقا لقانون العقوبات او القوانين المكملة له0 ويعد الفعل غير مشروع ومكونا لجريمة جنائية اذا تضمن التشريع الجنائي نصا يجرمه ولم يتوافر لحظة ارتكابه سبب من أسباب الإباحة التي ترفع عنه صفته غير المشروعة 0 فالقتل يعد جريمة لوجود نص في قانون العقوبات يجرمه ويعاقب عليه غير ان القتل لا يعد جريمة اذا ارتكب دفاعا عن النفس او المال فينقلب الى سلوك مشروع0
2-
صدور الفعل عن إرادة إجرامية : يراد بذلك صدور الأفعال عن إنسان لان غير الإنسان (الحيوان والجماد) ليس له إرادة ، والإرادة التي يعتد بها القانون يجب ان تكون مميزة مدركة وحرة مختارة فإذا لم تكن كذلك امتنعت مسئولية صاحبها عن الجريمة0 و يطلق على الأسباب التي تجرد الإرادة من قيمتها القانونية اصطلاح موانع المسئولية وهي صغر السن ، الجنون ، السكر غير الاختياري ، الإكراه وحالة الضرورة0 3-
وتتخذ الإرادة الإجرامية صورتين : الأولى صورة القصد الجنائي ويراد به اتجاه إرادة الجاني الى الفعل والنتيجة معا ، أما الصورة الثانية فهي الخطأ غير العمدي ويراد به اتجاه إرادة الجاني الى الفعل دون نتيجته0
الجزاء الجنائي المقرر للفعل : يترتب على ارتكاب الجريمة استحقاق الجزاء الذي يقرره لها القانون ، وهذا الجزاء له طابع جنائي يتخذ صورة العقوبة او التدبير الاحترازي 0
4-
ثانيا : الجريمة الجنائية وغيرها من الجرائم :
الجريمة الجنائية والجريمة المدنية : 1-
يقصد بالجريمة المدنية كل فعل خاطئ سبب ضررا للغير يلزم مرتكبه بالتعويض0 وإذا كانت الجريمة الجنائية تتفق مع الجريمة المدنية في ان كلا منهما تقوم بفعل غير مشروع الا انهما تختلفان في الآتي :
ان الجريمة الجنائية تفترض وجود نص سابق في قانون العقوبات او القوانين المكملة له يقرر التجريم والجزاء الجنائي المقرر ، وهو ما تفترضه الجريمة المدنية إذ لا سبيل الى حصرها مقدما بنصوص خاصة ، فهي تقع بأي خطأ يلحق ضررا بالغير0 أ-
تقوم الجريمة المدنية على وجود الضرر خلافا للجريمة الجنائية التي تقع ولو لم يترتب عليها ضرر للغير مثل الشروع في القتل وجريمة إحراز سلاح دون ترخيص0 ب-
للركن المعنوي في الجرائم الجنائية أهمية تفوق أهميته في الجرائم المدنية، فبعض الجرائم الجنائية لا تقوم الا اذا توافر القصد الجنائي لدى مرتكبها ، في حين يكفي لقيام الجرائم المدنية توافر الخطأ غير العمدي بل إنها قد تقوم دون خطأ0 ج-
يتمثل الجزاء المترتب عن الجريمة المدنية في إصلاح الضرر عن طريق التعويض، أما الجزاء الجنائي فيتمثل في صورة عقوبة او تدبير يمثلان رد فعل المجتمع عن الجريمة الجنائية0 ويلاحظ انه قد تنشأ عن الفعل الواحد جريمة جنائية وأخرى مدنية كما لو اعتدى شخص على اخر بالضرب الذي احدث به عاهة مستديمة، فالجريمة الجنائية هي الضرب الذي احدث عاهة مستديمة فتحرك النيابة العامة الدعوى الجنائية عنها لمعاقبة الجاني، أما الجريمة المدنية فهي الضرر الذي لحق بالمجني عليه فيجوز للمضرور رفع دعوى مدنية يطالب فيها بالتعويض0 د-
وعلى الرغم من ان الدعويين الجنائية والمدنية قد نشأتا عن فعل إجرامي واحد الا انهما تختلفان من حيث السبب والموضوع والخصوم 0 فسبب الدعوى الجنائية هو الجريمة أما سبب الدعوى المدنية هو الضرر الناتج عن هذه الجريمة ، وإذا كان توقيع العقوبة هو موضوع الدعوى الجنائية فموضوع الدعوى المدنية تعويض الضرر الذي لحق بالمضرور من الجريمة ، وأما من حيث الخصوم فان الدعوى الجنائية تباشرها النيابة العامة أما الدعوى المدنية فيباشرها المضرور من الجريمة0 *
ومع وجود هذا الاختلاف بين الدعويين فان هناك نوعا من الارتباط يتمثل في تبعية الدعوى المدنية للدعوى الجنائية من حيث الآتي :
جواز اختصاص المحاكم الجنائية بالنظر في الدعوى المدنية المرفوعة تبعا للدعوى الجنائية0 1-
اذا رفعت الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية وجب وقف الفصل فيها حتى يصدر حكم بات في الدعوى الجنائية المرفوعة قبلها او أثناء السير فيها0
2-
يكون للحكم الجزائي البات الصادر في موضوع الدعوى الجنائية بالبراءة او الإدانة حجية تلتزم بها المحاكم المدنية في الدعاوى التي لم يكن قد فصل فيها بحكم بات فيما يتعلق بوقوع الجريمة وبوصفها القانوني ونسبتها الى فاعلها0
3-
الجريمة الجنائية والجريمة التأديبية : 2-
الجريمة التأديبية هي إخلال شخص ينتمي الى هيئة او مهنة معينة بالواجبات التي تفرضها عليه القواعد المنظمة لتلك الهيئة او المهنة إخلالا يترتب عليه الإضرار بمصالحها 0 وتختلف الجريمة التأديبية عن الجريمة المدنية فيما يلي:
تعد الجريمة الجنائية عدوانا على المجتمع بأكمله ، في حين ان الجريمة التأديبية تعد عدوانا على هيئة او مهنة معينة ينتمي اليها الفاعل0 أ-
يحدد المشرع الجنائي على سبيل الحصر الأفعال المكونة للجرائم الجنائية ويبين عقوبة كل منها ، بينما يكتفي القانون بتحديد الجزاءات التأديبية التي توقع نتيجة الإخلال بواجبات الوظيفة او المهنة التي ينتمي اليها الفاعل0 ب-
تختلف الجزاءات التأديبية عن الجزاءات الجنائية ، فالجزاء التأديبي يمس المركز الوظيفي فقط مثل التوبيخ ، الإنذار ، او الإيقاف عن العمل او الفصل0 ج-
قد ينشأ عن الفعل الواحد جريمة جنائية وجريمة تأديبية مثال ذلك اختلاس الموظف أموالا في عهدته0 فرفع الدعوى الجنائية لا يمنع من محاكمته تأديبيا ، ولا يوقف الفصل في الدعوى التأديبية المقامة عليه لحين الفصل في الدعوى الجنائية بحكم بات إذ لا حجية للحكم البات الصادر في الدعوى الجنائية على الدعوى التأديبية ، فالحكم الصادر ببراءة المتهم لا يحول دون توقيع الجزاء التأديبي عليه0
د-
ثالثا : الهيكل القانوني للجريمة :
تقوم الجريمة بتوافر أركانها كما حددها النص القانوني، وهذه الأركان قد تكون عامة او خاصة وقد يلحق بالجريمة ظروف تشدد العقاب او تخففه :
1- أركان الجريمة : تنقسم أركان الجريمة الى أركان عامة و أخرى خاصة.
الأركان العامة للجريمة : أ-
يلزم لقيام الجريمة توافر ركنين : ركن مادي وركن معنوي :
الركن المادي : هو الفعل الذي يحقق الاعتداء على الحق الذي يحميه القانون، ويقوم الركن المادي على عناصر ثلاثة : الفعل (السلوك الإجرامي الإيجابي او السلبي) والنتيجة وعلاقة السببية بين الفعل والنتيجة0 *
الركن المعنوي : هو الإرادة التي يقترن بها الفعل 0 وقد يتخذ الركن المعنوي صورة العمد فيتوافر به القصد الجنائي وتوصف الجريمة بأنها عمدية، كما قد يتخذ الركن المعنوي صورة الخطأ غير العمدي فتوصف الجريمة بأنها غير عمدية0 *
وقد ذهب جانب من الفقه الجنائي الى ان للجريمة ركن ثالث هو الركن الشرعي ويقصد به البعض توافر النص القانوني الذي يجرم الفعل ويقرر له عقوبة بينما يقصد به البعض الآخر الصفة غير المشروعة التي يكتسبها الفعل نتيجة خضوعه لنص تجريم وعدم خضوعه لسبب اباحة0
وقد انتقد هذا الرأي استنادا الى انه من غير المنطقي اعتبار نص التجريم ركنا في الجريمة في حين انه خالقها ومصدر وجودها، فالنص هو الذي يخلق الجريمة قانونا ويحدد أركانها فكيف يقال ان الخالق عنصر فيما يخلق0 كما ان اعتبار نص التجريم او عدم مشروعية الفعل ركن في الجريمة يقتضي توافر علم الجاني بتجريم القانون للفعل حتى يتوافر لديه القصد الجنائي ، مما يستتبع القول بعدم توافره اذا لم يكن الجاني عالما بتجريم الفعل مع انه من المسلم ان الجهل بقانون العقوبات لا ينفي القصد ولا يعد عذرا0
الأركان الخاصة للجريمة : قد يتطلب النموذج القانوني للجريمة فضلا على الركنين المادي والمعنوي عناصر اخرى يطلق عليها الأركان الخاصة بالجريمة التي لا يلزم توافرها في كل جريمة0 والأركان الخاصة هي : الركن المفترض و شرط العقاب0 ب-
الركن المفترض : هو ذلك الركن الذي يفترض القانون توافره وقت مباشرة الجاني نشاطه وبدونه لا يوصف هذا النشاط بأنه جريمة0 ويوجب القانون توافر الركن المفترض من اجل وجود الجريمة او من اجل اعتبارها من نوع معين (جناية او جنحة) 0 ومن أمثلة الركن المفترض ما يلي : أ-
ان يكون المجني عليه حيا في جريمة القتل (المادة 332 ع0إ)0 -
ان يكون المال المختلس مملوكا لغير الجاني في جريمة السرقة (المادة 382 ع0إ)0 -
وجود دعوى في جريمة شهادة الزور (المادة 253 ع0إ)0 -
حالة الحمل في جريمة الإجهاض (المادة 340 ع0إ)0 -
ويلاحظ ان الركن المفترض سابق على وقوعها ويترتب على ذلك الآتي :
ان توافره لا يتحقق به البدء في التنفيذ الذي يقوم به الشروع0 1-
ان مكان وقوع الجريمة يتحدد بمكان وقوع ركنها المادي او جزء منه لا بالمكان الذي يتحقق فيه ركنها المفترض0 2-
ان إثبات الركن المفترض يخضع لوسائل الإثبات المقررة في القانون الذي ينتمي العنصر اليه ، فصفة المواطن في جريمة الالتحاق بقوات العدو تثبت وفقا لقانون الجنسية ، في حين ان الأركان العامة للجريمة تخضع في إثباتها للقواعد المقررة للإثبات في المسائل الجنائية0
3-
شرط العقاب : هو ذلك العنصر الذي يتطلبه القانون ليس لقيام الجريمة وإنما لكي يوقع العقاب المقرر لها ، فالجريمة تتوافر بتوافر ركنيها المادي والمعنوي0 ب-
ومن أمثلة شرط العقاب التنبيه بالدفع على المحكوم عليه بدفع نفقة لزوجته او أقاربه حتى يعاقب على جريمة الامتناع عن دفع النفقة (المادة 330 ع0إ) وضبط المتهم في حالة تلبس حيث يكون العقاب معلقا على هذا الضبط كما هو الشأن في جريمة تحريض المارة على الفسق بالقول او الإشارة (المادة 360 ع0إ)0
ظروف الجريمة : هي تلك العناصر التي تلحق بالجريمة وقد لا تلحق بها وعدم وجودها لا يؤثر في قيام الجريمة أما وجودها فيترتب عليه تغيير في العقوبة المقررة لها بالتخفيف او بالتشديد.
أ- أنواع الظروف : ظروف الجريمة نوعان
2-
الظروف التي تغير من وصف الجريمة : هي عناصر تدخل في تكوين الجريمة وتعد من أركانها لان اقترانها بالجريمة يحولها الى وصف قانوني اخر ، ويترتب على ذلك خضوعها لنص قانوني مختلف عن النص الذي كانت تخضع له قبل اقترانها بالظرف0 *
مثلا : جنحة السرقة البسيطة الواردة في المادة 390 ع0إ اذا اقترنت بالإكراه تغير وصفها القانوني وأصبحت جناية سرقة بالإكراه تخضع لنص المادة 385
الظروف التي تغير من العقوبة : هي الظروف التي لا يقتصر أثرها على تغيير العقوبة تشديدا او تخفيفا، فلا تدخل في أركان الجريمة وتظل الجريمة على وصفها وخاضعة لذات النص القانوني. *
ب - تقسيم الظروف : تتعدد تقسيمات الظروف تبعا للأسس التي يقوم عليها التقسيم0
من حيث تأثيرها على العقوبة : تنقسم الى ظروف مشددة و ظروف مخففة و ظروف معفية من العقاب0 فمن أمثلة الظروف المشددة وقوع القتل العمد مع سبق الإصرار او الترصد ، الإكراه وحمل السلاح في السرقة0 ومن أمثلة الظروف المخففة صغر السن ، ومن أمثلة الظروف المعفية صلة الزوجية او الأبوة او الاخوة في جريمة الموظف غير المكلف بالبحث عن الجرائم او ضبطها وأهمل او أرجأ إبلاغ السلطات المختصة بجريمة علم بها أثناء او بسبب تأدية وظيفته0 1-
من حيث مصدرها : تنقسم الى ظروف قانونية وظروف قضائية ، فالظروف القانونية هي التي نص عليها القانون صراحة أما الظروف القضائية فهي التي يستخلصها القاضي من وقائع الدعوى0 2-
من حيث طبيعتها : تنقسم الظروف الى ظروف عينية مادية وظروف شخصية0
3-
الظروف العينية : هي التي تتصل بالركن المادي للجريمة كزمان ارتكاب الجريمة مثل ظرف الليل في السرقة (م 382/1 ع0إ) او مكان ارتكابها كالمحل المسكون او محل العبادة في جريمة السرقة ، او الوسيلة المستخدمة في ارتكابها كالسم في جريمة القتل 0
أ-
الظروف الشخصية : تتعلق بالركن المعنوي للجريمة او تقوم على توافر صفة خاصة في الجاني كصفة الخادم في السرقة وصفة الموظف في جريمة تزوير الأوراق الرسمية 0 ب_
من حيث نطاق تطبيقها : تنقسم الى ظروف عامة وظروف خاصة: 4-
الظروف العامة : هي التي تنطبق على جميع الجرائم مثل ظرف العود0 أ-
الظروف الخاصة : هي التي يقتصر أثرها على جريمة معينة او جرائم محدودة كصفة الطبيب في جريمة الاعتداء المفضي الى إجهاض ، وصفة سبق الإصرار الذي يقتصر على القتل او الجرح او الضرب0
المبحث الثاني : تقسيمات الجرائم ب-
يقوم الفقه بتقسيم الجرائم أقساما عدة تختلف باختلاف الضابط الذي يحتكم اليه0
أولا : تقسيم الجرائم بحسب جسامتها (الجنايات - الجنح - المخالفات) :
ماهية التقسيم : يعتبر تقسيم الجرائم بحسب جسامتها من أهم التقسيمات التي قيل بها وأخذت به العديد من قوانين الدول0 ويحتكم المشرع في هذا التقسيم الى جسامة الجريمة ، وتتوقف هذه الجسامة على طبيعة المصلحة المحمية والاعتداء الواقع عليها0 وتنقسم الجرائم تبعا لهذا التقسيم الى جنايات ، جنح ومخالفات0 وقد رصد المشرع لكل نوع من هذه الجرائم عقوبات معينة فهناك عقوبات خاصة بالجنايات وثمة عقوبات للجنح وأخرى للمخالفات، فنوع العقوبة ومقدارها يدل على نوع الجريمة0 1-
وقد تبنى المشرع الإماراتي هذا التقسيم في المادة 26/2 وعرف كل نوع من الجرائم في المواد 28 و 29 و 30 0
تنص المادة (28) على " ان الجناية هي الجريمة المعاقب عليها بإحدى العقوبات الآتية :
اية عقوبة من عقوبات الحدود او القصاص فيما عدا حدي الشرب والقذف0 1-
الاعدام0 2-
السجن المؤبد0 3-
السجن المؤقت0 " 4-
وتنص المادة (29) على " ان الجنحة هي الجريمة المعاقب عليها بعقوبة او اكثر من العقوبات الآتية :
الحبس0 1-
الغرامة التي تزيد على الف درهم0 2-
الدية 0 3-
الجلد في حدي الشرب والقذف0
4-
ونص في المادة (30) على انه " تعد مخالفة كل فعل او امتناع معاقب عليه في القوانين او اللوائح بالعقوبتين التاليتين او بإحداهما :
الحجز لمدة لا تقل عن أربع وعشرين ساعة ولا تزيد على عشرة ايام0000 1-
الغرامة التي لا تزيد على الف درهم.
2-
معيار التقسيم :
اتخذ المشرع الإماراتي نوع العقوبة المقررة للجريمة معيارا لتقسيم الجرائم حيث تنص المادة 26/3 على انه "يحدد نوع الجريمة بنوع العقوبة المقررة لها 000" فإذا كانت الجريمة معاقبا عليها بالإعدام او السجن المؤبد او المؤقت فهي جناية ، أما اذا قرر لها المشرع عقوبة الحبس فهي جنحة0 غير ان المسألة تدق اذا كانت العقوبة المقررة هي الغرامة لأنها مشتركة بين الجنح والمخالفات ، ويكمن معيار التفرقة بينهما في الحد الاقصى المقرر للغرامة، فإذا زادت قيمة الغرامة على الف درهم كانت الجريمة جنحة وإذا لم تزد على ذلك كانت مخالفة0 2-
والعبرة هي بالعقوبة التي يقررها القانون وليس ما تقضي به المحكمة بالفعل، فإذا حدد النص لجريمة عقوبة الغرامة التي تزيد عن الف درهم فهي جنحة وان حكمت المحكمة بالغرامة التي تقل عن الف درهم0
أهمية التقسيم : 3-
أولا : بالنسبة لاحكام قانون العقوبات :
بالنسبة للشروع في الجريمة ، الأصل ان الشروع معاقب عليه في الجنايات مالم ينص على خلاف ذلك (المادة 35/1 ع0إ) في حين انه لا يعاقب على الشروع في الجنح الا بنص خاص (المادة 36 ع0إ) أما المخالفات فلا عقاب على الشروع فيها0
1-
يعاقب القانون الاتفاق الجنائي اذا كان محله جناية او جنحة ولا عقاب على الاتفاق على ارتكاب مخالفة (المادتان 172 و 192 ع0إ)0 2-
تقتصر احكام العود على الجنايات والجنح دون المخالفات (المادة 106 ع0إ)0 3-
يقتصر نظام الظروف المخففة على الجنايات والجنح دون المخالفات (المادتان 98 و100 ع0إ) 4-
يقتصر مجال تطبيق نظام المصادرة على الجنايات والجنح دون المخالفة (المادة 82 ع0إ) 5-
يجوز للقاضي الحكم بوقف تنفيذ العقوبة في الجنايات والجنح دون المخالفات لبساطة عقوبتها0
6-
ثانيا : بالنسبة لاحكام قانون الإجراءات الجزائية :
التحقيق الابتدائي وجوبي في الجنايات (المادة 65 ق إ ج إ) دون الجنح والمخالفات، حيث يجوز رفع الدعوى عنها بناء على محضر جمع الاستدلالات (المادة 120 ق إ ج إ) 0 1-
لا يكون صدور الأمر بأن لا وجه لإقامة الدعوى الجنائية في الجنايات الا من رئيس النيابة العامة ، ولا يكون نافذا الا بعد مصادقة النائب العام عليه (م 118/2 ق إ ج) خلافا للجنح فهذا الأمر من اختصاص سائر أعضاء النيابة العامة0 2-
تصرف النيابة العامة في الجنايات يقتصر على رئيس النيابة (م 121 ق0 إ0 ج) خلافا للجنح والمخالفات حيث يمكن لسائر أعضاء النيابة ذلك (المادة 120 ق0 إ0 ج)0 3-
تنقضي الدعوى الجزائية في الجنايات التي يحكم فيها بالإعدام او السجن المؤبد بمضي عشرين سنة ، وفي الجنايات بمضي عشر سنوات ، وفي الجنح بمضي ثلاث سنوات ، وبمضي سنة واحدة في المخالفات (م 20/2 ق0 إ0 ج)0 4-
باستثناء جرائم الحدود والقصاص والدية تسقط العقوبة المحكوم بها في جناية بمضي 20 سنة الا عقوبة الإعدام فإنها تسقط بمضي 30 سنة ، و تسقط العقوبة المحكوم بها في جنحة بمضي 5 سنوات ، و تسقط العقوبة المحكوم بها في المخالفة بمضي سنتين (م 315 ق0 إ0 ج)0 5-
لا يجيز القانون المعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة في الجنايات بينما تجوز المعارضة في الأحكام الغيابية الصادرة في الجنح والمخالفات (م 229 ق0 إ0 ج0 إ) 0 6-
لا يجوز الطعن بالنقض الا في الأحكام الصادرة من محكمة الاستئناف في جناية او جنحة ولا يجوز ذلك في المخالفات (م 244 ق إ ج إ)0
7-
الصعوبات التي تعترض هذا التقسيم : يتعين التفرقة بين حالتين : 3-
أولا : في حالة الحكم بعقوبة أخف مما يقرره القانون : يقصد بتخفيف العقاب ان يستبدل القاضي العقوبة المقررة قانونا للجريمة بعقوبة أخف منها نوعا ومقدارا0 ويلاحظ ان أسباب التخفيف نوعان هما : الأعذار القانونية المخففة، والظروف القضائية المخففة، والفرق بينهما ان التخفيف عند توافر العذر إلزامي للقاضي، في حين انه جوازي عند توافر الظروف القضائية المخففة0 وقد أورد المشرع الاتحادي احكام الأعذار المخففة في المواد 96 ، 97 و 99 من ق0 ع0 إ ، أما الظروف القضائية المخففة فقد ورد حكمها في المادتين 98 و 100 من ق0 ع0 إ 0
وحسما للمسألة المتعلقة بكيفية تحديد نوع الجريمة اذا توافر فيها سبب من أسباب التخفيف (عذر ام ظرف قضائي) ، فقد نصت المادة 27 ع0 إ على ان العبرة بالعقوبة التي حددها القانون للجريمة أصلا ولا يتغير نوع الجريمة بالعقوبة التي تحكم بها المحكمة ما لم ينص القانون على خلاف ذلك0
ثانيا : حالة الحكم بعقوبة اشد مما يقرره القانون أصلا : تفترض هذه الحالة ان القانون يقرر للجريمة عقوبة الجنحة ولكن لتوافر سبب من أسباب التشديد نطق القاضي بعقوبة الجناية، كما لو كانت الجريمة المرتكبة جنحة ولكن الجاني كان عائدا وتوافرت لعوده شروط معينة فانه يجوز للقاضي الحكم عليه بعقوبة الجناية ( المادتان 107 و108 ق0 ع0 إ0) 0 وأسباب التشديد نوعان : وجوبية تلزم القاضي بتشديد العقوبة كما هو الحال في ظرف الإكراه في جريمة السرقة ، وتكون جوازية اذا كان للقاضي الخيرة بين عقوبتي الجناية و الجنحة كظرف العود مثلا0
وقد أجمع الفقه على انه اذا كان سبب التشديد وجوبيا فانه يؤثر في التكييف القانوني للواقعة فيقلبها من جنحة الى جناية 0 أما اذا كان سبب التشديد جوازيا فقد اختلف رأي الفقه والراجح ان الجريمة تعتبر جناية لان المشرع قرر لها حدين، الأدنى هو عقوبة الجنحة والأقصى هو عقوبة الجناية ، والعبرة في تحديد نوع الجريمة هي بالحد الاقصى المقرر لعقوبتها ومن ثم وجب اعتبار جريمة العائد جناية0
تقدير التقسيم الثلاثي : وجه الى هذا التقسيم عدة انتقادات أهمها ما يلي : 4-
انه تقسيم غير منطقي لانه يحدد نوع الجريمة على أساس جسامة العقوبة المقررة لها في حين ان جسامة العقوبة هي التي تترتب على نوع الجريمة وجسامتها0 أ-
ويرد عليه بان المشرع حدد جسامة كل جريمة ثم قرر العقوبة المناسبة لها، فجسامة العقوبة مقياس واضح وسهل التطبيق تحدد به جسامة كل جريمة0
ان هذا التقسيم يقوم على معيار مصطنع لانه اعتمد على آثار الجريمة ولم يعتمد على طبيعتها ومكوناتها، بل ان الجنايات والجنح من طبيعة واحدة بدليل إمكان تحول الجناية الى جنحة او العكس اذا توافر عذر قانوني او ظرف مشدد معين0 ب-
ويرد على هذا النقد بان المشرع عندما وضع التقسيم الثلاثي للجرائم قدر جسامة كل جريمة وفرق بين الجرائم من حيث جسامتها واضعا في اعتباره اختلاف طبيعتها وعناصرها0
ثانيا : تقسيم الجرائم بحسب طبيعة ركنها المادي :
الجرائم الإيجابية والجرائم السلبية : 1-
معيار التقسيم : يستند هذا التقسيم الى طبيعة السلوك الإجرامي ، ولهذا السلوك مظهران أحدهما إيجابي يتمثل في القيام بعمل والآخر سلبي يتمثل في الامتناع عن عمل0 وعلى ذلك فان الجريمة الإيجابية هي التي يتكون ركنها المادي من عمل إيجابي ينهي عنه القانون ، كأن يستعمل الجاني يده في جريمة السرقة وتحريك لسانه في جريمة القذف 0 أما الجريمة السلبية فهي التي يتكون ركنها المادي من امتناع الجاني عن إتيان فعل يوجب القانون إتيانه ، مثال ذلك امتناع الشاهد عن الحضور للإدلاء بشهادته أمام القاضي (م 261 ع0 إ) ، ويلاحظ ان القانون يعاقب على مجرد الامتناع دون اشتراط حدوث نتيجة معينة كـأثر لهذا الامتناع0 أ-
وليس لهذا التقسيم أهمية من الناحية العملية باستثناء نظرية الشروع في الجريمة، حيث لا يتصور الشروع في الجرائم السلبية التي إما تقع كاملة بإتيان الامتناع او لا تقع مطلقا0
وقوع الجريمة الإيجابية بطريق الامتناع : *
ان النص القانوني هو الذي يحدد ما اذا كانت الجريمة إيجابية ام سلبية ومع ذلك فقد يسكت النص عن وصف الركن المادي للجريمة ويحتمل ان يقع بفعل إيجابي او امتناع فالجريمة تكون إيجابية او سلبية بحسب الوضع الذي يتخذه النشاط الإجرامي كجريمة القتل الخطأ قد يكون الإهمال بفعل او امتناع0
فإذا كان الامتناع مسبوقا بعمل إيجابي كمن يضرب شخصا ضربا مبرحا ثم يتركه في مكان منعزل محروما من وسائل الحياة بقصد القتل فلا خلاف في الفقه في مسئولية صاحبه عن قتل عمد اذا توافر لديه القصد الجنائي0 أما في حالة وجود امتناع خالص فهل يصلح لقيام الجريمة الإيجابية به ؟
إختلف الفقه الجنائي حول هذه المسألة فذهب الفقه الفرنسي الى عدم وقوع الجريمة الإيجابية بطريق الامتناع فلا يمكن للعدم ان يكون سببا لنتيجة ايجابية0 أما الفقه المصري فذهب الى ان الجريمة الإيجابية تقع بالفعل الإيجابي كما تقع بالامتناع أيضا لان كلاهما من مظاهر الإرادة الإنسانية ، غير انه يشترط لقيام الجريمة بالامتناع ما يلي :
ان يكون على الممتنع التزام قانوني او تعاقدي بأداء عمل يمنع وقوع الجريمة ويخالف هذا الالتزام كامتناع الأم عن إطعام طفلها0 1-
ان يكون الامتناع هو السبب الذي احدث النتيجة التي يعاقب عليها القانون0 2-
ان يكون في استطاعة الجاني تنفيذ الالتزام ولكنه يمتنع عن القيام به0 3-
وفي دولة الامارات يسوي قانون العقوبات الاتحادي بين السلوك الإيجابي والسلوك السلبي في تكوين الركن المادي للجريمة وذلك بمقتضى المادة 31 ع0 إ) 0
الجرائم الوقتية والجرائم المستمرة : 2-
معيار التقسيم : هو الزمن الذي يستغرقه تحقق الفعل المكون للجريمة0 فالجريمة الوقتية هي التي يبدأ السلوك الإجرامي وينتهي في لحظة واحدة ، مثال ذلك جريمة القتل التي تتم وتنتهي لحظة إزهاق الروح0 وقد عرف المشرع الاتحادي الجريمة الوقتية في المادة 33/1 ع0 إ ، ويلاحظ ان الجريمة تظل وقتية ولو ترتب عليها آثار تمتد خلال زمن طويل، فالسرقة جريمة وقتية رغم ان حيازة الشيء المسروق تمتد زمنا طويلا0
أ-
أما الجريمة المستمرة فتتكون من فعل يقبل الاستمرار فترة من الزمن ويتطلب تدخلا متجددا من إرادة الجاني للإبقاء على حالة الاستمرار بعد قيامها0 وقد عرفها المشرع الإماراتي في المادة 33/3 ع0 إ ، والجريمة المستمرة قد تكون إيجابية مثل إخفاء الأشياء المسروقة او المتحصلة من جناية او جنحة0 وقد تكون سلبية مثل الامتناع عن تسليم طفل الى من له الحق في حضانته شرعا0
أهمية التمييز بين الجريمة الوقتية والجريمة المستمرة : ب-
بالنسبة لقانون العقوبات : تظهر أهمية هذا التقسيم في المواضع التالية : 1-
من حيث تطبيق القانون من حيث الزمان : لا يسري القانون الجديد على الجرائم الوقتية السابقة على نفاذه الا اذا كان اصلح للمتهم، أما الجريمة المستمرة فينطبق عليها القانون الجديد متى أدركها ولو في جزء منها قبل انتهاء حالة الاستمرار سواء كان هذا القانون اصلح او أسوأ للمتهم0
أ-
من حيث تطبيق القانون من حيث المكان : تفترض الجريمة المستمرة تكرار ارتكابها في كل لحظة من الزمن الذي تستغرقه وهذا يعني أنها تعتبر واقعة في كل مكان قامت فيه حالة الاستمرار، فإذا امتدت الجريمة المستمرة في اكثر من إقليم فقانون عقوبات كل منها يسري عليها ، أما الجريمة الوقتية فينطبق عليها قانون الإقليم الذي ارتكبت فيه وحده0
ب-
بالنسبة لقانون الإجراءات الجزائية :
2-
من حيث الاختصاص : تختص بنظر الدعوى عن الجريمة الوقتية المحكمة التي وقعت في دائرة اختصاصها الجريمة، بينما تختص بنظر الدعوى عن الجريمة المستمرة جميع المحاكم التي وقعت في دائرتها حالة الاستمرار0
أ-
من حيث تقادم الدعوى الجنائية : يبدأ سريان مدة تقادم الدعوى الجنائية في الجريمة الوقتية من وقت ارتكابها، ويبدأ في الجريمة المستمرة من اليوم التالي لانتهاء حالة الاستمرار التي تستغرقها الجريمة0
ب-
من حيث قوة الشيء المحكوم فيه : يترتب على حجية الحكم البات انقضاء الدعوى الجنائية0 فالحكم الصادر في الجريمة الوقتية يحوز قوة الشيء المحكوم فيه بالنسبة للواقعة التي رفعت بها الدعوى ، فلا يجوز إعادة طرحها من جديد أمام القضاء0 أما الحكم الصادر في الجريمة المستمرة فانه يحوز قوة الشيء المحكوم فيه بالنسبة لجميع الوقائع السابقة على رفع الدعوى ، فإذا تجددت حالة الاستمرار بعد صدور هذا الحكم بتدخل الجاني في الإبقاء على الوضع المخالف للقانون فان ذلك يعد جريمة مستقلة تنشأ بها دعوى جنائية جديدة0 ج-
الجريمة الوقتية المتتابعة الأفعال : هي الجريمة التي تقع بارتكاب عدة أفعال متماثلة للاعتداء على حق معين تنفيذا لغرض إجرامي واحد ، فهي تقوم بتوافر الشروط التالية :
3-
تماثل الأفعال الإجرامية وتتابعها : تفترض هذه الجريمة أفعالا متماثلة ومتتابعة كل منها يعد جريمة اذا نظر اليه على حده كسرقة محتويات مخزن على دفعات0
أ-
وحدة الحق المعتدى عليه : يتعين ان يكون الاعتداء قد وقع على حق واحد ، فالسرقة وان تعددت تنال بالاعتداء حق الملكية0
ب-
وحدة الغرض الإجرامي : يجب ان تكون كل الأفعال قد ارتكبت بتصميم واحد تنفيذا لخطة إجرامية واحدة تعددت عناصرها ووسائل تنفيذها0 ج-
وقد نصت على الجريمة الوقتية المتتابعة الأفعال المادة 33/2 من قانون العقوبات الاتحادي0
احكام الجريمة المتتابعة الأفعال : *
من حيث احكام قانون العقوبات : 1-
يسري القانون الأشد على الجريمة المتتابعة الأفعال إذ عمل به قبل ارتكاب اخر هذه الأفعال ولو كانت بعض هذه الأفعال قد ارتكب في ظل القانون القديم الاصلح للمتهم0
أ-
لما كانت الجريمة ذات الأفعال المتتابعة ينحل فيها السلوك الإجرامي الى وحدات متماثلة من النشاط تتعاقب فيما بينها فإنها تعتبر واقعة في كل مكان ارتكب فيه فعل من الأفعال المتتابعة المكونة لها، وعلى ذلك ينطبق عليها قانون العقوبات الاتحادي اذا ارتكب بعض هذه الأفعال على إقليم الدولة وارتكب البعض الآخر في الخارج0
ب-
من حيث احكام قانون الإجراءات الجزائية : 2-
تحتسب المدة المحددة لسقوط الدعوى الجنائية الناشئة عن الجريمة المتتابعة الأفعال من اليوم التالي لاخر فعل من أفعال التتابع الداخلة في تكوين الجريمة0
أ-
من حيث قوة الشيء المحكوم فيه : تنصرف قوة الشيء المحكوم فيه الى جميع الأفعال التي سبقت صدور الحكم البات حتى وان كانت سلطة الاتهام تجهل بعضها لأنها كلها كانت محلا لجريمة واحدة0 فإذا صدرت عن الجاني الذي سبقت إدانته في جريمة وقتية متتابعة أفعال اخرى لاحقة لهذا الحكم فإنها تكون أفعال جديدة وليدة إرادة إجرامية جديدة فلا يشملها الحكم السابق وان كانت من نفس النوع السابق ووقعت على نفس المجني عليه.
ب-
ثالثا : الجرائم البسيطة وجرائم الاعتياد :
معيار التقسيم : هو وحدة السلوك الإجرامي او تكراره 0 فالجريمة البسيطة هي التي تتكون من سلوك إجرامي واحد سواء كان وقتيا او مستمرا او متتابعا مثال ذلك جريمة السرقة 0 أما جريمة الاعتياد فهي التي تتكون من عدة أفعال متشابهة يقوم بها الجاني معبرا عن اعتياده عليها، فلا يكفي لقيامها ارتكاب الفعل مرة واحدة لانه لا يشكل خطورة في نظر المشرع يستحق العقاب عليه ومن أمثلتها جريمة الاعتياد على الإقراض بربا فاحش (م 412 ع0 إ)0
1-
ما يلزم لتوافر الاعتياد : 2-
لم يحدد المشرع عدد الأفعال اللازم توافرها لقيام حالة الاعتياد تاركا هذه المسألة لرأي الفقه وتقدير القضاء0 وقد استقر القضاء على الاكتفاء بتكرار الفعل مرتين على الأقل لقيام الاعتياد ويلزم ان يكون كل فعل مستقل عن الآخر ، فجريمة الاعتياد على الإقراض بالربا الفاحش تقوم بعقد الجاني قرضين ربويين لشخصين او شخص واحد في وقتين مختلفين0
ولا تقوم جريمة الاعتياد الا في اللحظة التي يتم فيها مباشرة الفعل الأخير من الأفعال التي يتكون منها النشاط الإجرامي 0 وقد اختلف الفقه بشأن تحديد المدة التي ينبغي ان يحدث تكرار الفعل خلالها، والراجح هو الرأي الذي اشترط ألا تمضي بين الفعلين المتطلبين لقيام جريمة الاعتياد مدة تزيد على مدة تقادم الجريمة نفسها وهي ثلاث سنوات، على أساس انه اذا كانت هذه المدة كافية لانقضاء الدعوى بالتقادم عن جريمة تكاملت أركانها فمن باب أولى تكون كافية لسقوط الفعل الواحد الذي لم يعد جريمة بعد0
-
أهمية التقسيم : تتمثل أهمية تقسيم الجرائم الى جرائم بسيطة وجرائم اعتياد في الآتي :
3-
من حيث تقادم الدعوى الجنائية : يبدأ سريان مدة التقادم من تاريخ وقوع الجريمة البسيطة اذا كانت وقتية، ومن تاريخ انقطاع حالة الاستمرار اذا كانت مستمرة0 أما جرائم الاعتياد فتبدأ من تاريخ اخر فعل يدخل في تكوين الاعتياد0
أ-
من حيث الاختصاص : في الجريمة البسيطة يكون الاختصاص لمحكمة وقوعها، أما في جرائم الاعتياد فتختص المحكمة او المحاكم التي تقع في دائرتها أحد الأفعال الداخلة في تكوين الاعتياد. ب-
من حيث قوة الشيء المحكوم فيه : تنصرف حجية الحكم البات الصادر في جريمة الاعتياد على كل الأفعال السابقة على صدوره لأنها تشكل جريمة واحدة 0 ولا ينصرف الحكم السابق الى الأفعال اللاحقة لصدوره، فيمكن المحاكمة عنها استقلالا بشرط ان تتوافر لها صفة الاعتياد، فلا يكفي ارتكابها مرة واحدة بعد الحكم البات ولو تعددت قبله0
ج-
رابعا : الجرائم ذات النتائج والجرائم الشكلية
معيار التقسيم : 1-
الجرائم ذات النتائج هي التي يترتب على النشاط الإجرامي فيها نتيجة ضارة محددة بنص القانون0 وتعرف هذه الجرائم بجرائم الضرر لان ركنها المادي لا يقع تاما الا بتحقق نتيجة تلحق ضررا بالمصلحة التي يحميها القانون، مثل جريمة القتل اشترط القانون تحقق نتيجة معينة لقيامها هي إزهاق روح إنسان حي0 أما الجرائم الشكلية فركنها المادي يتمثل في فعل او امتناع ينص عليه التجريم دون اشتراط تحقق اي نتيجة ضارة، ففي هذه الجرائم لا تتوافر نتيجة مادية ومثالها جريمة إحراز السلاح دون ترخيص وإحراز المخدرات0
أهمية التقسيم : 2-
من حيث الشروع : الشروع لا يتصور الا في الجرائم ذات النتيجة ، أما الجرائم الشكلية فلا محل للشروع فيها لان السلوك الإجرامي فيها إما ان يقع فتقع الجريمة تامة وإما الا تقع فلا تكون هناك جريمة0 أ-
لا يثور بحث علاقة السببية الا في الجرائم ذات النتيجة ولا تبحث هذه العلاقة في الجرائم الشكلية0