منتدى قانون الامارات وتشريعاته المستشار صالح الحناوى ت 00971556614003

اهلا بك زائرنا الكريم بمنتداك

انضم إلى المنتدى ، فالأمر سريع وسهل

منتدى قانون الامارات وتشريعاته المستشار صالح الحناوى ت 00971556614003

اهلا بك زائرنا الكريم بمنتداك

منتدى قانون الامارات وتشريعاته المستشار صالح الحناوى ت 00971556614003

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

المحام والقانون 00971556614003

نجيب على إستشاراتكم القانونية على مدار اليوم ...... من هنا
للتعرف على معلومات عن المستشار صالح الحناوى ...... من هنا

ت/00971556614003



    مفهوم نهائية الحكم الجنائي كشرط من شروط طلب إعادة النظر فيه : (المستشار صالح الحناوي المحامي بالنقض والدستورية والادارية العليا) هاتف 00971556614003

    المستشارصالح الحناوى
    المستشارصالح الحناوى
    المدير العام
    المدير العام


    عدد المساهمات : 2369
    نقاط : 5320
    تاريخ التسجيل : 11/09/2010
    العمر : 61

    مفهوم نهائية الحكم الجنائي كشرط من شروط طلب إعادة النظر فيه  :    (المستشار صالح الحناوي المحامي بالنقض والدستورية والادارية العليا) هاتف 00971556614003 Empty مفهوم نهائية الحكم الجنائي كشرط من شروط طلب إعادة النظر فيه : (المستشار صالح الحناوي المحامي بالنقض والدستورية والادارية العليا) هاتف 00971556614003

    مُساهمة من طرف المستشارصالح الحناوى الإثنين مارس 06, 2017 1:40 pm

    مفهوم نهائية الحكم الجنائي كشرط من شروط طلب إعادة النظر فيه  :    (المستشار صالح الحناوي المحامي بالنقض والدستورية والادارية العليا) هاتف 00971556614003 Eu_oo_10






    تمهيد : يعتبر طلب إعادة النظر في الحكم الجنائي قليل الحصول من الناحية الواقعية ، و ذلك نظراً لما استوجبه المشرع من شروط و حالات معينة لإجازته ، حتى إن الحديث عنه من الناحية القانونية يكاد يكون هو الآخر قليل ، بل إنه منذ إنشاء المحاكم المصرية تعد الطعون المقدمة بإعادة النظر نادرة جداً ( د/ محمد خميس ابراهيم – الإخلال بحق المتهم في الدفاع – رسالة دكتوراه – سنة 2000 جامعة اسكندرية – ص 245 هامش 1 )، و قد ثار خلاف بين بعض الزملاء حول أحد شروط إجازة الطلب المذكور، و هو نهائية الحكم المطلوب إعادة النظر فيه ، حيث يرى البعض أن النهائية هنا تعني الحكم البات ، أي غير القابل للطعن بأي طريق ، و هو ما يجري به الواقع ، في حين يكتفي البعض الآخر بكونه الحكم غير القابل للطعن بالطرق العادية فقط ، بحيث يجيزون هذا الطلب و لوكان الحكم قابلاً للطعن بالنقض أو مطعون فيه بالنقض فعلاً . و إزاء ذلك فقد دفعتني نفسي العليلة إلى بحث هذه المسألة ، بعدما طُلب مني ذلك ، فكان هذا البحث الموجز، لذا أرجوا من حضراتكم التماس المعذرة لمثلي على جرأتي على الخوض في مسائل بيني و بينها بون شاسع من الأهلية القانونية ، و عذري أني باحث عن الحقيقة أينما كانت .
    خطة البحث: يشتمل البحث على النقاط التالية :
    1- النص القانوني الحاكم للمسألة المثارة.
    2- شروط الحكم الجنائي الجائز طلب إعادة نظره ، إجمالاً.
    3- نهائية الحكم الجنائي بصفة عامة.
    4- حجية الشئ المقضي و قوته.
    5- مفهوم الحكم النهائي الوارد في المواد الإحدى عشر.
    - المواد التي يقصد بالحكم النهائي فيها الحكم البات.
    - المواد التي يقصد بالحكم النهائي فيها الحكم غير القابل للطعن بالطرق العادية.
    - بزوغ صياغة تشريعية حديثة تتسم بالدقة.
    6- شرط نهائية الحكم الجنائي المطلوب إعادة النظر فيه.
    7- مقارنة موجزة مع قانون المرافعات بشأن شرط نهائية الحكم المطلوب إعادة نظره.
    8- خاتمة.
    أولاً : النص القانوني الحاكم للمسألة المثارة :
    نظم المشرع طلب إعادة النظر في الأحكام الجنائية في البا ب الرابع المعنون " في إعادة النظر" من الكتاب الثالث المتعلق بطرق الطعن في الأحكام ، و ذلك بدءً من المادة ( 441) حتى المادة ( 453) من قانون الإجراءات الجنائية . و الذي يعنينا من تلك المواد في هذا المقام والخاص بنهائية الحكم الجنائي ، الفقرة الأولى من المادة (441) سالفة الذكر، حيث ورد بها شرائط إجازة طلب إعادة النظر ، و منها شرط النهائية ، فقد نصت تلك الفقرة على أنه:
    " يجوز طلب إعادة النظر في الأحكام النهائية الصادرة بالعقوبة في مواد الجنايات و الجنح في الاحوال الآتية :.... ".
    ثانياً : شروط الحكم الجائز طلب إعادة النظر فيه ، إجمالاً :
    يتضح من نص الفقرة الأولى من المادة رقم 441 المشارإليها سلفاً، أن المشرع استوجب توافر شروط ثلاثة في الحكم الجنائي الذي أجاز طلب إعادة النظر فيه، و هذه الشروط تتفق و الحكمة التشريعية من تقرير طلب إعادة النظر ، و الشروط الثلاثة هي :
    1- أن يكون الحكم الجنائي نهائياً، و سنبين فيما بعد مضمون هذا الشرط تفصيلاً، باعتباره محور هذا البحث الوجيز.
    2- أن يكون الحكم الجنائي صادراً بعقوبة جنائية ، أي صادراً بالإدانة ، أياً كان نوع العقوبة المحكوم بها ، حتى و لو كانت مشمولة بوقف التنفيذ ، و بالتالي لا يجوز طلب إعادة النظر في الأحكام الجنائية الصادرة بالبراءة ، ذلك أن المشرع حين أجاز إعادة النظر في الحكم ، إنما قصد به مصلحة المحكوم عليه برفع الضرر عنه ، ذلك الضرر المتمثل في حكم الإدانة المخالف للعدالة و المتنافر معها ، لكونه برئ ، براءة الذئب من دم ابن يعقوب، فأراد المشرع هدم ذلك الحكم إعلاءً لشأن العدالة . أما حكم البراءة فلا ضرر فيه للمتهم و لا تتوافر فيه مبررات و مسوغات طلب إعادة النظر ، مهما ثبت بأدلة قاطعة خطأ هذا الحكم ، و إلا عد ذلك نوعاً من العبث .
    3- ان يكون الحكم صادراً في جناية أو جنحة دون غيرها ، و لعله قد روعي في ذلك أن الإدانة في مواد المخالفات ليست من الخطورة التي تدعو للمساس بالأحكام النهائية ، كما أن المجتمع لا يتأذى كثيراً بوقوع عقوبة المخالفة على انسان برئ، لا سيما و هي عقوبة لا يظهر لها أثر في الصفحة الجنائية للمحكوم عليه و لا تحصى سابقة عليه ، حتى أن المحكمة الدستورية العليا وصفت المخالفات في أحد أحكامها الحديثة بأنها " بطبيعتها محدودة الأهمية ، بحكم موقعها في تقسيم الجرائم و التدرج العقابي حسب جسامتها " ، حكمها الصادر في الدعوى رقم 43 لسنة 29 ق " دستورية " – جلسة 7/2/2010 .
    ثالثاً : نهائية الحكم الجنائي بصفة عامة :
    يبين من استقراء نصوص قانون الإجراءات الجنائية ورود مصطلح " الحكم النهائي " مرات عديدة ، بلغت إحدى عشرة مرة ، في إحدى عشرة مادة منه، كما يبين من الإستنباء عن مفهوم ذلك المصطلح في تلك المواد ، أنه ليس على معنى واحد فيها، فأكثرتلك المواد يورد المصطلح المذكور على أن المقصود به الحكم البات، أي الحكم الذي استنفد طرق الطعن العادية أو غير العادية ، سواء بالطعن فيه فعلاً حتى الفصل فيه بالنقض، أو بفوات مواعيد الطعن فيه ، و أما المواد الأخرى القليلة فهى تورده بمعنى الحكم النهائي الذي استنفد طرق الطعن العادية فقط، أي المعارضة و الإستئناف ، و لم يصبح بعد باتاً، فلم ينقض ميعاد الطعن عليه بالنقض ، أو طعن عليه بالنقض و لم يتم الفصل فيه ، و وفقاً لذلك يمكن القول بأن نصوص التشريع الجنائي لا تستعمل مصطلح الحكم البات ، مع ملاحظة سنبديها فيما بعد.
    و يستنتج من ذلك أن الصياغة التشريعية الجنائية في استخدام هذا المصطلح يكتنفها عدم الدقة ، و يبدو أن المشرع قد وقع في حمأة مخالفة شروط الصياغة التشريعية ، التي يفترض أنه أولى الناس بمعرفتها و تطبيقها ، و من أهم تلك الشروط ، دقة الصياغة ، " بمعنى اختيار اللفظ او المصطلح الذي يعبر مباشرة عن المعنى المراد و الغاية المستهدفة من القاعدة القانونية ، فالدقة تيسر فهم القاعدة و تحدد بوضوح و سهولة مجال تطبيقها في العمل " ، " فالغاية من القاعدة القانونية ، هي ما تسعى القاعدة القانونية إلى تحقيقه ، و هذه الغاية تحتاج إلى التعبير عنها في شكل معين يكون ملائماً لها و يكون ملزماً للمخاطبين بها .....و يسمى هذا التعبير بصياغة القاعدة القانونية ، و بقدر توفيق المشرع في اختيار العبارات التي يعبر بها عما أراد بقدر سلامة الصياغة أو قصورها عن بلوغ الهدف و الغاية من القاعدة ". 
    ( يراجع مشكوراً في تفصيلات أصول الصياغة التشريعية : المستشار الدكتور/ خيري أحمد الكباش – اصول الحماية القانونية لحقوق الإنسان – طبعة 2006 – ص 465 و ما بعدها ).
    و هذا ما وصف به بعض الفقهاء التشريع الجنائي في استخدامه لمصطلح الحكم النهائي ، حيث يقول : " لا يلتزم التشريع الجنائي الدقة دائماً في استخدام مصطلح الحكم الجنائي ....". 
    ( الدكتور/ عوض محمد عوض – شرح قانون الإجراءات الجنائية – الجزء الأول طبعة 1990 – ص 91 هامش 1 ).
    رابعاً : حجية الشئ المقضي و قوته :
    من الأهمية بمكان - كتمهيد لتحديد مصطلح الحكم النهائي – ان نعرج على التفرقة بين مفهوم حجية الشئ المقضي و قوة الشئ المقضي ، لعدم الخلط بينهما ، فأما حجية الشئ المقضي فهي حجية تقوم للحكم الجنائي منذ صدوره في الدعوى الجنائية فيما بين الخصوم و بالنسبة للموضوع و السبب ، و لو كان قابلاً للطعن ،، فيكون للحكم حجية في هذه الحدود لا تقبل الدحض و لا تتزحزح إلا بطريقة من طرق الطعن ، و تثبت هذه الحجية لكل حكم قطعي، سواء كان الحكم ابتدائياً أم نهائياً ، حضورياً أو غيابياً ، و " مقتضى هذه الحجية هو خروج الدعوى من حوزة المحكمة التي أصدرت الحكم وعدم جوازتعرض أية محكمة أخرى لها ، إلا أن تكون هي المحكمة التي يقرر القانون طريقاً للطعن في الحكم امامها ، و باتباع طريق الطعن المقرر في شأنه، سواء كانت تلك المحكمة هي ذاتها التي اصدرت الحكم كما في حالة المعارضة ، أم محكمة أعلى درجة منها ، في حالتي الإستئناف والنقض ، و كذا إذا تعلق الأمر بتصحيح خطأ مادي في الحكم ، و بناء على حجية الحكم المذكورة يجوز الدفع بعدم جواز نظر الدعوى لسابقة الفصل فيها إذا رفعت إلى محكمة غير محكمة الطعن ، ما دامت قد توافرت عناصر ذلك الدفع من اتحاد الخصوم و الموضوع و السبب ، بين الدعوى الجديدة و الدعوى المحكوم فيها ، و كذلك الحال إذا طرحت الدعوى أمام محكمة أخرى في نفس الدرجة عن نفس الموضوع . (المستشار الدكتور/ حسن علام – قانون الإجراءات الجنائية و قانون حالات و إجراءات الطعن بالنقض – طبعة نادي القضاة الثانية 1991 – ص 764 )، و على ذلك فالدفع بحجية الأمر المقضي تمثل الجانب السلبي لقوة الحكم الجنائي أمام القضاء الجنائي ، و التي أساسها عدم جواز معاقبة المتهم مرتين عن نفس الواقعة. 
    و هو ما عبرت عنه الفقرة الثانية من المادة رقم 454 من قانون الإجراءات الجنائية ، حيث نصت على أنه : " و إذا صدر حكم في موضوع الدعوى الجنائية ، فلا يجوز إعادة نظرها إلا بالطعن في هذا الحكم بالطرق المقررة في هذا القانون ". 
    و في هذا قضت محكمة النقض بأن :
    " إن صدور الحكم والنطق به ينهي النزاع بين الخصوم و يخرج القضية من يد المحكمة بحيث لا يجوزأن تعود إلى نظرها بما لها من سلطة قضائية ، كما لا يجوز لها تعديل حكمها فيها أو إصلاحه إلا بناء على الطعن فيه بالطرق المقررة أو بطريق تصحيح الخطأ المادي المنصوص عليه في المادة 377 إجراءات جنائية " نقض في 1/6/1958 مجموعة أحكام النقض س 9 ص 644 – بالمرجع السابق ص 764 .
    على أن تلك الحجية للحكم الصادر في الدعوى ، قد تكون حجية مؤقتة ، إذا ماكان قابلاً للطعن بالطرق المقررة قانوناً، و لم تستقر حقيقته بالتالي بعد، أما إذا لم يكن القانون يجيز الطعن فيه مطلقاً ، أو كانت قد استنفدت طرق الطعن الجائزة في شأنه حتى نهايتها و منها طريق الطعن بالنقض، أو مضت عليه مواعيد الطعن فيه دون استعمالها ، ففي جميع هذه الحالات يصبح الحكم نهائياً – حسب تعبير المشرع - ، بمعنى الحكم البات ، ويكتسب قوة جديدة تثبت له حينئذ، هي " قوة الأمر أو الشئ المقضي "، التي تكون اساساً للدفع بانقضاء الدعوى الجنائية بصدور ذلك الحكم ، و هو السبب العام و الطبيعي لانقضاء كل دعوى، فقوة الأمر المقضي لا تمنع فقط المحكمة التي أصدرت الحكم من نظرالدعوة مرة أخرى ، و لا غيرها من المحاكم إلا أن تكون محكمة الطعن ، كما هو الحال بالنسبة لحجية الشئ المقضي ، بل هي قوة تمتد لأكثرمن ذلك ، فتحول دون أي محكمة حتى و لوكانت محكمة طعن من نظرها مرة اخرى لأنها قضت على تلك الدعوى بحكمها الحائز لتلك القوة الباتة ، اللهم إلا إذا توافرت حالة من حالات طلب إعادة النظر، فكل حكم يحوز قوة الأمر المقضي يكون حتماً حائزاً لحجية الأمر المقضي و العكس غير صحيح، و بناء على قوة الأمر المقضي المذكورة يدفع بعدم جواز نظرالدعوى لانقضائها بالحكم البات الحائز لقوة الأمر المقضي و ذلك إذا رفعت مرة أخرى أمام أية محكمة جنائية ، فضلاً عن أن التمسك بقوة الأمر المقضي للحكم البات تمثل الجانب الإيجابي لهذه القوة أمام جهات القضاء غير الجنائي ، حيث يتعين عليها احترامه بافتراض الحقيقة فيما قرره و الأخذ بما ورد فيه لأنه يعتبر حجة على الكافة . 
    ومن ناحية أخرى ، هناك أحكام أخرى نهائية لا تحوز صفة البيتوتة ، و هي تلك التي يعبرعنها الفقه الجنائي بأنها التي استنفدت طرق الطعن العادية فقط ، إذ هي بذلك تكون قد اكتسبت حجية الأمر المقضي فقط ، و لكن لا تتمتع بقوة الأمرالمقضي أي البيتوتة التي تؤدي إلى إنهاء الدعوى الجنائية تماماً ، فالحجية و إن كانت تمنع من إعادة نظر الدعوى أمام نفس الدرجة إلا أنها لا تنهي الدعوى الجنائية ، أما إذا استنفد طريق النقض أو فات ميعاده صار باتا حائزاً لتلك القوة ، ، و فائدة تلك النهائية غير الباتة تجد صدى لها في مجال تنفيذ الأحكام الجنائية ، حيث يكتفى بتلك النهائية كيما تصبح واجبة التنفيذ .
    ( يراجع في هذه المعاني و تأييدها : د/ عبد الحكم فودة – الدفع بعدم جواز نظر الدعوى الجنائية لسابقة الفصل فيها – طبعة 2007 – ص 19 وما بعدها ، د/ أحمد فتحي سرور- الخطر المزدوج و حجية الأحكام – مجلة إدارة قضايا الحكومة- س 6 عدد 4 ص 48 ، د/ محمد محي الدين عوض – القانون الجنائي و اجراءاته – ج1 ص 257 هامش 1 ، د/ محمد محمود ابراهيم – مرجع سابق – ص 140 ، د/ إدوارد غالي الدهبي – حجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني – رسالة دكتواره – ص 40 ، د/ سمير محمود عالية – قوة القضية المقضية – طبعة 1987 –ص 22 ، د/ محمد عبد المنعم أحمد – قوة الحكم الجنائي و أثره على المنازعات الإدارية – رسالة دكتواره – 1987 ص 52 و ما بعدها ).
    هذا، و المتتبع للمؤلفات الفقهية و الأحكام القضائية ، يستطيع أن يخرج بنتيجة مؤداها، وجود تساهل في الإستخدامات الفقهية و القضائية لتعبيرات " حجية الحكم " ، " قوة الشئ المحكوم فيه أو المقضي فيه " ، بل يمكن إدراك وجود خلط أو لبس في تحديد مفهوم تلك التعبيرات في تلك المؤلفات و الأحكام ، و هو أمر يؤسف له.
    الأمر الذي كان يتعين معه على المشرع الجنائي تحديد مصطلحاته التي يستخدمها تحديداً منضبطاً و متفقاً مع طبيعة و غاية الموضوع الذي يتحدث عنه ، كل في نطاقه ، لا سيما إذا كانت هناك عدة مصطلحات في الموضوع الواحد و لكل منها معنى مغاير للآخر، كما هو الحال في الموضوع الراهن.
    خامساً : مفهوم الحكم النهائي الوارد في المواد الإحدى عشر :
    لعله مما يحسن الآن أن نستحضر تلك المواد الإحدى عشر السابق ذكرها و التي انطوت نصوصها على مصطلح الحكم النهائي ، مع استعراض مفهوم ذلك المصطلح الوارد بها بإيجاز، و سنقسم تلك المواد إلى طائفتين ، الأولى : للمواد التي يقصد بالحكم النهائي بها الحكم البات ، و الثانية : تلك التي يقصد فيها بذلك الحكم ، الحكم النهائي ، أي الذي استنفد طرق الطعن العادية فقط .
    المواد التي يقصد بالحكم النهائي فيها ، الحكم البات :
    1- المادة رقم (10) من قانون الإجراءات الجنائية ، و تنص على أنه:
    " لمن قدم الشكوى أو الطلب ......... أن يتنازل عن الشكوى أو الطلب في أي وقت إلى أن يصدر في الدعوى حكم نهائي ، و تنقضي الدعوى الجنائية بالتنازل ......"، و المقصود بالحكم النهائي الذي يحدث التنازل أثره إلى ما قبل صدوره ، هو الحكم البات . ( د/ عوض محمد – المرجع السابق – ص 91 هامش 1 ، المستشار الدكتور/ حسن علام – مرجع سابق – ص 49 ، د/ حسن صادق المرصفاوي – أصول الإجراءات الجنائية طبعة 1996 – ص102 ).
    2- المادة رقم (226) ، و تنص على أنه : " إذا قدمت دعوى عن جريمة واحدة أو عدة جرائم مرتبطة إلى جهتين من جهات التحقيق أو الحكم تابعتين لمحكمة ابتدائية واحدة و قررت كل منهما نهائياً اختصاصها أو عدم اختصاصها و كان الإختصاص منحصراً فيهما ، يرفع طلب تعيين الجهة التي تفصل فيها إلى دائرة الجنح المستأنفة بالمحكمة الإبتدائية "، و لا مراء أن المراد بالحكم النهائي هنا هو الحكم البات ( د/ إدوارد غالي الدهبي – دراسات في قانون الإجراءات الجنائية – ص 260 )، لأنه إذا لم يكن باتاً فيمكن علاج مسألة الإختصاص من خلال الطعن عليه بالنقض ، و محكمة النقض تفصل فيها حينئذ لأنها محكمة قانون ، و المسألة المذكورة قانونية محضة .
    3- المادة رقم (265) ، و تنص على أنه: " إذا رفعت الدعوى المدنية أمام المحكمة المدنية ، يجب وقف الفصل فيها حتى يفصل نهائياً في الدعوى الجنائية المقامة قبل رفعها أو في أثناء السير فيها ........" ، و الحكم النهائي هنا هو البات ( د/ إدوارد غالي الدهبي – المرجع السابق – ص 260 ، أحمد عثمان حمزاوي – موسوعة التعليقات على مواد قانون الإجراءات الجنائية – سنة 1953 – ص 1160 )، فهذا النص يتضمن ما يعرف بقاعدة أن ( الجنائي يوقف المدني ) ، أي أن قيام الدعوى الجنائية يحتم وقف إجراءات نظر الدعوى المرفوعة أمام المحكمة المدنية بالتعويض عن الضرر الناشئ من الجريمة ، و في ذلك صيانة لقاعدة حجية الحكم الجنائي أمام القضاء المدني المنصوص عليها في المادة (446) من قانون الإجراءات الجنائية ، و بالتالي يضحى معنى الحكم النهائي في المادة رقم (265) المذكورة سلفاً هو الحكم البات ، فهو الحكم الذي يقيد القاضي المدني و يبني حكمه المدني على بينة منه ، و هذا معلوم من الممارسة الفعلية لدعاوى التعويضات التي يرتبط الخطأ الموجب للتعويض فيها بجريمة جنائية . 
    4- المادة رقم (394) ، تنص على أنه : " لا يسقط الحكم الصادر غيابياً من محكمة الجنايات في جناية بمضي المدة ، و إنما تسقط العقوبة المحكوم بها، و يصبح الحكم نهائياً بسقوطها "، فطبقاً لهذا النص فإن العقوبة المحكوم بها غيابياً في جناية إذا سقطت بمضي المدة يصبح الحكم نهائياً ، أي باتاً غير قابل للتنفيذ، لعدم تجقق الشرط الفاسخ خلال هذه المدة ، وهو ضبط المتهم أو حضوره من تلقاء نفسه . ( د/عبد الحكم فودة – محكمة الجنايات دراسة لنشاطها ودور الدفاع أمامها – طبعة 1992 – ص468، د/ محمد محمود ابرهيم – قوة الحكم الجنائي أمام سلطات التأديب – رسالة دكتوراه 1993 – ص 213 ).
    5- المادة رقم (441) ، و الخاصة بطلب إعادة النظر ، و سوف تكون محلاً لتوضيح آت فيما بعد.
    6- المادة رقم (454) ، و تنص في فقرتها الأولى على أنه: " تنقضي الدعوى الجنائية بالنسبة للمتهم المرفوعة عليه والوقائع المسندة إليه بصدور حكم نهائي فيها بالبراءة أو بالإدانة....).
    7- المادة رقم (455) ، و تنص على أنه : " لا يجوز الرجوع إلى الدعوى الجنائية بعد الحكم فيها نهائياً بناء على ظهور أدلة جديدة أو ظروف جديدة أو بناء على تغيير الوصف القانوني للجريمة ).
    و المادتان المذكورتان واردتان بالباب الخامس المعنون " في قوة الأحكام النهائية " من قانون الإجراءات الجنائية ، و هو الباب الذي تعالج نصوصه قوة الأمر المقضي التي تثبت للحكم غير القابل للطعن ، أي البات ، بدليل أنه تنقضي به الدعوى الجنائية وفقاً لصدر المادة ( 454) ، و المادة (455) معطوفة – في معنى المحكم النهائي – على المادة(454) ، و قد قضت محكمة النقض في ذلك بأن :


    " قوة الأمر المقضي تكون للأحكام النهائية الباتة التي فصلت في موضوع الدعوى الجنائية عملاً بالمادتين (455،454) إجراءات ". نقض في 17/4/1981 – أحكام النقض س 37 ق 100 ص499 .
    " قوة الأمر المقضي للحكم الجنائي سواء أمام المحكمة الجنائية أو أمام المحكمة المدنية لا تكون إلا للأحكام النهائية بعد صيرورتها باتة ، و الحكم متى صار كذلك أصبح عنواناً للحقيقة فلا يصح النيل منه و لا مناقشة المراكز القانونية التي استقرت به ، و يضحى الحكم بذلك حجة على الكافة، حجية متعلقة بالنظام العام بما يوجب على المحاكم إعمال هذاه الحجية ولو من تلقاء نفسها ". نقض في 30/4/1986 – أحكام النقض س37 ق 104 ص 526 .
    " من المقرر أن قوة الأمر المقضي أمام المحاكم الجنائية لا تكون إلا للأحكام الجنائية الباتة و من ثم فإن الأحكام الصادرة عن المحاكم التأديبية لا تنقضي بها الدعوى الجنائية و ليست لها قوة الشئ المحكوم به أمام المحاكم الجنائية ...... ". الطعن رقم 31768 لسنة 73 ق – جلسة 20/4/2004 .
    8- المادة رقم (470) ، و تنص على أنه : " متى صار الحكم بالإعدام نهائياً ، وجب رفع أوراق الدعوى فوراً إلى رئيس الجمهورية بواسطة وزير العدل ، و ينفذ الحكم إذا لم يصدر الأمر بالعفو أو بإبدال العقوبة في ظرف أربعة عشر يوماً ". 
    والمقصود بصيرورة الحكم بالإعدام نهائياً ، صدور حكم النقض في شأنه، أي أنه الحكم البات (د/ إداورد غالي الدهبي – المرجع السابق – ص 247 ) ، ذلك أن الطعن بالنقض في حكم الإعدام يوقف تنفيذ ذلك الحكم بنص المادة (469) من قانون الإجراءات الجنائية ، و إذا لم يطعن فيه المتهم – على الفرض الجدلي – فإن النيابة العامة ملزمة وفقاً للمادة (46) من قانون حالات و إجراءات الطعن بالنقض رقم 57 لستننة 1959 بعرض كل حكم صادر بالإعدام على محكمة النقض مشفوعة برأيها في الحكم و لو لم تر وجهاً للطعن عليه ، و هو إجراء يقتضي أيضاُ وقف التنفيذ، فلا مجال للتنفيذ إذن قبل صدور حكم محكمة النقض في الحكم الصادر بالإعدام ، و بالتالي يكون تنفيذ حكم الإعدام واجباً بعد صيرورته باتاً بصدور حكم من محكمة النقض في جميع الأحوال .
    المواد التي يقصد بالحكم النهائي بها الحكم غير القابل للطعن بالطرق العادية :
    1- المادة رقم (460) ، و تنص على أنه : " لا تنفذ الأحكام الصادرة من المحاكم الجنائية إلا متى صارت نهائية ، ما لم يكن في القانون نص على خلاف ذلك " .
    2- المادة رقم (529) ، و تنص على أنه : " تبدأ المدة – أي المسقطة للعقوية – من وقت صيرورة الحكم نهائياً ".
    3- المادة رقم (535) ، وتنص على أنه : " إذا توفي المحكوم عليه بعد الحكم عليه نهائياً تنفذ العقوبات المالية و التعويضات و ما يجب رده و المصاريف في تركته ".
    الموا د السابقة واردة ضمن الكتاب الرابع الخاص بالتفيذ ، و التنفيذ يبدأ من وقت صيرورة الحكم نهائياً وفقاً للمادة (460) ، بمعنى ألا يكون قابلاً للمعارضة أو الإستئناف ، و لوكان قابلاً للطعن بالنقض ، فهو إذن ليس الحكم البات( مستشاردكتور/ حسن علام – مرجع سابق –ص 790 ، د/ إدوارد غالي الدهبي – المرجع السابق – ص 247 ).
    أما بدء سريان سقوط العقوبة وفقاً للمادة (529) ، فهو كذلك يبدأ من وقت صيرورة الحكم نهائياً ، بمعنى الحكم غير البات ، لأن السقوط لا يبدأ عقلاً إلا إذا نشأ الحق في التنفيذ ، و هذا الحق لا ينشأ إلا بالحكم النهائي غير البات.
    و قد قضت محكمة النقض في ذلك بأن :
    " ..... وكان الثابت بالإوراق أن الحكم الإبتدائي قد صدر حضورياً في 17 من أبريل سنة 1988 و لم يستأنف في ميعاد العشرة أيام التالية لصدوره فإنه يجب في القانون إعتباره حكماً نهائياً قابلاً للتنفيذ كما هو الشأن قانوناً في سائر الأحكام التي على شاكلته، و مدة السقوط التي تسري في خصوصه تكون إذن مدة سقوط العقوبة ، و لا يمنع من ذلك أن الطاعن قد إستأنفه بعد مضي ميعاد الإستئاف المعتاد ثم قبل إستئنافه يناء على الأعذار القهرية التي تقدم بها و أثبتها للمحكمة الإستئنافية ، و مدة السقوط هذه قد استمرت حتى يوم 11 يوليو سنة 1991 تاريخ التقرير بالإستئناف ، و من هذا التاريخ فقط عادت مدة سقوط الدعوى العمومية، و لما كانت مدة سقوط العقوبة لم تنقض حتى تاريخ التقرير بالإستئناف لأنها بدأت يوم 28 أبريل سنة 1988 عقب اليوم العاشر من تاريخ صدور الحكم الحضوري الإبتدائي ، وكان الحكم المطعون فيه قد التزم هذا النظر فإنه يكون قد طبق القانون تطبيقاً صحيحاً ". الطعن رقم 3991 لسنة 62 ق – جلسة 1/1/2002 .
    وأما المادة (535) ، فهي تتكلم عن تنفيذ الحكم إذا توفي المتهم بعد الحكم النهائي ، و لا مراء أن التنفيذ يكون بعد الحكم النهائي غير البات ، و بالتالي يكون هذا المعنى هو المراد بالحكم النهائي بتلك المادة.
    بزوغ صياغة تشريعية حديثة تتسم بالدقة :
    أدخل المشرع عدة تعديلات - في الآونة الأخيرة – على قوانين شتى ، منها قانون الإجراءات الجنائية ، و في إحدى تلك التعديلات لذلك القانون استعمل المشرع و لأول مرة مصطلح ( الحكم البات ) صراحة ، و ذلك بمناسبة ما استحدثه بالمادة (18 مكرر "أ" ) بموجب القانون رقم 145 لسنة 2006 ، و التي نصت على أنه :
    " للمجني عليه أو وكيله الخاص و لورثته أو وكيلهم الخاص إثبات الصلح مع المتهم أمام النيابة العامة أو المحكمة بحسب الأحوال ....... و يجوز للمتهم أو وكيله الخاص إثبات الصلح المشار إليه في الفقرة السابقة . و يجوز الصلح في أية حالة كانت عليها الدعوى ، و بعد صيرورة الحكم باتاً...... ".
    كما استعمل المشرع مصطلح الحكم البات في قانون التجارة الجديد رقم 17 لسنة 1999 ، حيث نصت المادة (534) بشأن الصلح في بعض جرائم الشيك على أنه:
    " .......و للمجني عليه و لوكيله الخاص في الجرائم المنصوص عليها في هذه المادة أن يطلب من النيابة العامة أو المحكمة بحسب الأحوال و في أية حالة كانت عليها الدعوى إثبات صلحه مع المتهم . و يترتب على الصلح انقضاء الدعى الجنائية و لو كاتنت مرفوعة بطريق الإدعاء الماشر. و تأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة إذا تم الصلح اثناء تنفيذها و لو بعد صيرورة الحكم باتاً ". 
    كما نصت المادة رقم (107) من ذات القانون على ذات المصطلح ، بشأن بعض جرائم البيع التجاري ، حيث نصت على أنه : 
    " 1- لا يجوز للمشتري التصرف في المبيع قبل أداء الأقساط بأجمعها إلا بإذن مكتوب من البائع ......... 3- يعاقب المشتري عند مخالفة أحكام الفقرة الأولى بالحبس مدة لا تجاوز ستة أشهر و بغرامة لا تجاوز 500 جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين ، و يسري على هذه الجريمة حكم المادة (18 مكرر "أ" ) من قانون الإجراءات الجنائية . و تأمر النيابة العامة بوقف تنفيذ العقوبة إذا تم الصلح اثناء تنفيذها و لو بعد صيرورة الحكم باتاً ".
    و هذا من المشرع انتهاج لصياغة تشريعية جديدة محمودة ، لاتسامها بالدقة و التحديد، نرجوا استمرارها و التقيد بها في جميع التشريعات ، لكونها تعين على صحة تطبيق القانون . و مما هو جدير بالتنبيه ، ألا يذهبن فكرمفكر أو عقل عاقل إلى أنه طالما وجد في القانون مصطلح الحكم النهائي بجوار مصطلح الحكم البات ، فإن مصطلح الحكم النهائي الوارد في المواد الإحدى عشر المشار إليها سلفاً يعني الحكم غير البات ، فهذا ظن لا يغني من الحق شيئاً ، و ليس له نصيب من الصحة ، لأن استعمال مصطلح الحكم البات هو استعمال مستحدث وتال لاستعمال مصطلح الحكم النهائي بزمن طويل ، فهو كما سبق القول عدول عن صياغة تشريعية منتقدة و تصحيح لها ، فضلاً عن أن مصطلح الحكم النهائي المقصود به الحكم البات له سنده في الأحكام القضائية و آراء الفقه على نحو ما سلف بيانه.
    سادساً : شرط نهائية الحكم المطلوب إعادة النظر فيه :
    سبق القول في صدر هذه الدراسة الموجزة أن الفقرة الأولى من المادة (441) من قانون الإجراءات الجنائية قد أبانت شروط جواز طلب إعادة النظر في الحكم الجنائي ، و أولى تلك الشروط و أهمها كون ذلك الحكم نهائياً ، و لما كان ذكر مصطلح الحكم النهائي في قانون الإجراءات الجنائية يثير – تلقائياً – في النفس تساؤلاُ عن المعنى المقصود به، و يحدث غالباً نوعاً من الخلاف في الرأي حوله، فقد كان المتوقع نشوء خلاف بشأن معنى هذا المصطلح كشرط لطلب إعادة النظر، غير أنه لم يحدث خلاف حقيقي يمكن أن يزعزع التطبيق العملي لهذا الشرط، فقد تواترت الآراء و انصهرت فيما يمكن أن نطلق عليه شبه إجماع ، بأن الحكم النهائي هنا هو الحكم الذي صار باتاً ، و لم يخرج عن هذا الإجماع سوى رأي مهجور ، و على ذلك سنستعرض هذا الإجماع وسنده ، ثم نعقبه – كنوع من الإمانة العلمية و الثقافة القانونية - بالرأي المهجور و سنده هو الآخر.
    الإجماع على أن المراد بالحكم النهائي ، الحكم البات :
    المقصود بالحكم النهائي في نطاق طلب إعادة النظر ، الحكم غير القابل للطعن بأي طريق من طرق الطعن التي حدد المشرع لها موعداً معلوماً بحيث بجب سلوكها في خلاله، و هي المعارضة و الإستئناف والنقض ، أي أنه الحكم البات .
    و هذا الإجماع يرتكن في ذلك غلى أن طلب إعادة النظر شرع للطعن في الأحكام الحائزة لحجية الأمر المقضي، والتي يترتب عليها انقضاء الدعوى الجنائية بحيث لا يجوز طرحها على القضاء من جديد إلا إذا توافرت حالة أو أكثر من حالات إعادة النظر. يضاف إلى ذلك أنه متى كان باب الطعن في الحكم مفتوحاً فإن سبيل علاجه الإلتجاء إلى تلك الوسيلة و لا محل لسلوك طريق استثنائي ، فمن شأن الطعن في الحكم احتمال الغائه ، و حينئذ يمكن استدراك العيب الذي شابه ، فإن لم يلغ كان باب إعادة النظرمفتوحاً
    ( يراجع مشكوراً :
    على زكي العرابي – المبادئ الأساسية للإجراءات الجنائية – الجزء الثاني – 1952 – بند 709 ، محمود محمود مصطفى – شرح قانون الإجراءات الجنائية – الطبعة الثانية عشرة 1988 – بند 472 ، رؤوف عبيد – مبادئ الإجراءات الجنائية في القانون المصري – الطبعة السابعة عشرة 1989 –ص 1037 ، محمد محي الدين عوض – القانون الجنائي و إجراءاته في التشريعين المصري و السوداني – الجزء الثاني 1964 – ص 426 ، حسن صادق المرصفاوي – أصول الإجراءات الجنائية – 1964 بند 381 ، محمود نجيب حسني – شرح قانون الإجراءات الجنائية – الطبعة الثانية 1988 –بند 1425 ، عمر السعيد رمضان – مبادئ قانون الإجراءات الجنائية – قواعد المحاكمة – الطبعة الثالثة 1984 – بند 200، أحمد فتحي سرور – الوسيط في قانون الإجراءات الجنائية – الجزء الثالث – 1980 – بند 222 ، السيد حسن البغال – طرق الطعن في التشريع الجنائي واشكالات التنفيذ فقهاً و قضاء – الطبعة الثانية 1963 – بند 534 ، إدوار غالي الدهبي – طلب إعادة النظرفي الأحكام الجنائية – الطبعة الثالثة 1991 – بند 40 ، رمسيس بهنام – المحاكمة والطعن في الأحكام الجنائية – الطبعة الثالثة 1993 – ص 289 وما بعدها ، حسن علام – مرجع سابق – ص 747 وما بعدها ، نقض جنائي في 31 يناير سنة 1967 مجموعة أحكام النقض – س 18 رقم 27 ص 142 ).
    الرأي المخالف للإجماع السابق :
    رغم هذا الإجماع فإنه قد شذ عنه رأي وصف بأنه مهجور، مؤداه أن طلب إعادة النظر يجوز في الأحكام غير القابلة للطعن بطريق طعن عادي، أما إذا كان الحكم قابلاً للطعن فيه بالنقض أو طعن فيه بالفعل ، فإن ذلك لا يحول دون الطعن في الحكم بإعادة النظر. و حجة هذا الرأي أن المشرع استخدم في المادة 441 من قانون الإجراءات الجنائية عبارة " الأحكام النهائية " و لم يستخدم عبارة " الأحكام الباتة " ، و المعروف أن الحكم النهائي - و الكلام لأصحاب هذا الرأي – هو غير القابل للطعن بالمعارضة و الإستئناف . و من ناحية أخرى فإن إعادة النظر طريق موضوعي استثنائي ، و من المحظور قانوناً إثارة أسباب موضوعية في الطعن بالنقض. ( فاروق صادق – مذكرة مطبوعة بالآلة الكاتبة في طلب إعادة النظر في الحكم الصادر في الجناية رقم 3646 لسنة 1960 – جنايات سنورس – ص 95 )، و من هذا الرأي أيضاً الدكتور/ محمد زكي أبوعامر- شائبة الخطأ في الحكم الجنائي – رسالة دكتوراه – جامعة ا لإسكندرية سنة 1974 – بند 86 هامش ص 401 ، إأذ يقول سيادته : " أما اشتراط أن يكون الحكم ، أو أن يصبح ، غير قابل للنقض ، فهو تزيد غير مفهوم ، لا سيما إذا أدركنا أن الحكم يمكن أن يتضمن خطأ في الواقع مع سلامته الكاملة من ناحية التطبيق المجرد ".
    الرد على الرأي المهجور: 
    رد البعض على الحجتين اللتين اتخذ منهما الرأي المهجور متكئاً له فيما انتهى إليه ، على النحو التالي :


    1- لم يستخدم المشرع في قانون الإجراءات الجنائية تعبير الحكم البات ، و إنما استخدم فقط عبارة الحكم النهائي ، أما عبارة الحكم البات فهي تخصيص اصطلاحي من ابتداع الفقه للتفرقة بين الأحكام القابلة للطعن بالنقض و تلك التي لا تقبل الطعن بهذا الطريق، و من ناحية أخرى فإن المشرع كثيراً ما يقصد بالحكم النهائي الحكم غير القابل للطعن للمعارضة أو الإستئناف أوالنقض، مثال ذلك المواد 226 ، 265 ، 454 من قانون الإجراءات الجنائية والمادة الخامسة من قانون العقوبات .
    2- لا وجه للتحدي بأن طلب إعادة النظر طريق طعن موضوعي لاصلاح أخطاء القضاء الموضوعية بينما الطعن بالنقض لا يجوز إلا لخطأ في تطبيق القانون أو بطلان في الإجراءات ، فهذا النعي مردود بأن طلب إعادة النظر لا يجوز إلا بشأن الأحكام الحائزة لقوة الشئ المحكوم فيه والتي لا سبيل إلى إلغائها بطريقة أخرى ، و من غير المستساغ عقلاً و لا قانوناً أن يفتح المشرع في آن واحد طريقين للطعن في الحكم أمام نفس المحكمة ، أحدهما طريق النقض و الثاني طريق إعادة النظر ، و إنما الصحيح أن يقال إن احتمال إلغاء الحكم عن طريق الطعن بالنقض يقتضي الانتظار حتى يزول هذا الاحتمال إما بفوات ميعاد الطعن و إما بالفصل فيه . 
    (: يراجع مشكوراً في هذا الإجماع و الرأي المهحور و الرد عليه االمستشار الدكتور/ إدوار غالي الدهبي – مرجع سابق – ص 90 و ما بعدها ).
    لا يشترط صدور الحكم المطلوب إعادة النظر فيه من آخر درجة : 
    ما دام الحكم قد أصبح باتاً على النحو سالف الذكر، فلا يشترط أن يكون قد صدر من آخر درجة ، أوأن يكون جائزاً استئنافه ، فيجوز طلب إعادة النظر في حكم صار باتاً بسبب انقضاء مواعيد الطعن دون استعمال، أو في حكم أصبح باتاً بعد صدوره من المحكمة الجزئية ، و في هذا يختلف طلب إعادة النظر عن طريق الطعن بالنقض ، فالنقض لا يجوزإلا في الأحكام النهائية الصادرة من آخر درجة ، وفقاً للمادة (30) من قانون حالات و إجراءات الطعن بالنقض رقم 57 لسنة 1959 ( د/ إدوار غالي الدهبي – مرجع سابق –ص 92 و ما ورد به من مراجع و أحكام النقض ).
    سابعاُ : مقارنة موجزة مع قانون المرافعات بشأن نهائية الحكم المطلوب إعادة نظره :
    من الامور الشيقة و المؤدية لمستوى رفيع من الثقافة القانونية ، إجراء مقارنة موجزة جداً بشأن مفهوم الحكم النهائي الجائز طلب إعادة النظر فيه ، مع قانون المرافعات المدنية و التجارية .
    فقد نصت المادة (241 ) من قانون المرافعات في الفصل الثالث المعنون (التماس إعادة النظر) من الباب الثاني عشر بشأن طرق الطعن في الأحكام ، على أنه :
    " للخصوم أن يلتمسوا إعادة النظر في الأحكام الصادرة بصفة انتهائية في الأحوال الآتية :........ ".
    و المقرر – وفقاً لتلك المادة – أن الأحكام الجائز الطعن فيها بالإلتماس هي الأحكام الصادرة بصفة انتهائية ، أي الأحكام الصادرة من محاكم الدرجة الثانية ، ما لم تكن صادرة بعدم قبول الإستئناف لرفعه بعد الميعاد أوبسقوط أو ترك الخصومة فيه ، فلا يجوز الإلتماس حينئذ، و كذلك الأمر إذا كان الملتمس قد قبل الحكم ، و كذا يجوز الإلتماس في الأحكام الصادرة من محاكم الدرحة الأولى منى صدرت بصفة انتهائية ، سواء صدرت في حدود النصاب الإنتهائي للمحكمة أو بالنظر إلى نص القانون على عدم جواز الطعن فيها، و يجوز الطعن بالإلتماس في الأحكام الإنتهائية و لو كانت قابلة للإستئناف استثناء بموجب الماتين 221 ، 222 مرافعات ، إذ جواز الطعن فيها بالإستئناف لا ينفي عنها وصف كونها انتهائية و هو مناط جواز الطعن فيها بالإلتماس ، أما الأحكام الإبتدائية فلا يجوز الطعن فيها بالإلتماس و لو شاب الحكم سبب من أسباب الإلتماس ، لأن هذه الأحكام قابلة للطعن فيها بالإستئناف فأولى بالمحكوم عليه أن يطعن فيها بالطريق العادي أي الإستئناف بدلاً من الطعن فيها بطريق غيرعادي ، و على ذلك فإن الأحكام الإبتدائية لا يجوز الطعن فيها بالإلتماس حتى بعد فوات ميعد الإستئناف و صيرورتها انتهائياً من وقت صدوره .
    و قد قضت محكمة النقض بــ :
    " عدم جواز الطعن بالطرق غير الإعتيادية في الأحكام الصادرة من محاكم الدرجة الأولى و لوكانت مواعيد الطعن فيها بالطرق العادية قد انقضت ". الطعن رقم 295 لسنة 35 ق – جلسة 27/5/1969 ، الطعن رقم 2238 لسنة 60 ق – جلسة 8/1/1995 .
    و لكن يستثنى من ذلك الإلتماس الذي يرفع وفقاً للبند الثامن من المادة (241 ) ممن يعتبر الحكم حجة عليه دون أن يكون قد أدخل أوتدخل في الدعوى ، إذ يجوز له رفع الإلتماس في حكم أول درجة الذي فوت المحكوم عليه ميعاد استئنافه ( الطعن رقم 233 لسنة 50 ق – جلسة 31/1/1985 ).
    ( يراجع في كل ما تقدم : الدكتور/ أحمد مليجي – الموسوعة الشاملة في التعليق على قانون المرافعات – الطبعة السادسة 2008 – الجزء الخامس – ص 10 و ما بعدها ).
    و يستوي في الحكم الإنتهائي الجائز الطعن فيه بالإلتماس أن يكون قابلاً للطعن فيه بالنقض أو غير قابل له ، بل يجوز الإلتماس و لوكان الحكم الملتمس فيه مطعون عليه فعلاً بالنقض. 
    فقد قضت محكمة النقض بأن :
    " لا يحول دون قبول الإلتماس متى توافرت شرائطه سبق الطعن على الحكم الملتمس فيه بالنقض ولوكانت أسبابه ترديداً لأسباب الحكم الملتمس فيه ". الطعنان رقما 2902 لسنة 65 ق ، 240 لسنة 66 ق - جلسة 9/12/2001 .
    و نخلص من جماع ما تقدم أن التماس إعادة النظر في قانون المرافعات لا يشترط له بيتوتة الحكم الملتمس فيه ، و ذلك على خلاف الحال في طلب إعادة النظر في الحكم الجنائي الذي يشترط فيه أن يكون باتاً.
    ثامناً : خاتمـــــة :
    1- نتيجة الدراسة الماثلة : وجوب كون الحكم الجنائي المطلوب إعادة النظر فيه حكماً باناً ، وفقاً للإجماع المشار إليه بتلك الدراسة ، وهو ما جرى به العمل .
    2- دعوة للتعديل : المشرع مدعو بقوة لتعديل المواد الوارد بها مصطلح الحكم النهائي( بمعنى البات و السابق بيانها) باستبداله بمصطلح الحكم البات ، قطعاً لدابر أي خلاف يمكن أن ينشأ بشأن هذا المصطلح ، لا سيما المادة الخاصة بطلب إعادة النظر، و كنا نتمنى أن يفعل ذلك المشرع حين قام بتعديل بعض المواد في قانون الإجراءات الجنائية و القانون التجاري واستعمل مصطلح الحكم البات ، و قد سبق بيان تلك المواد فيما سلف .
    3- الأساس القانوني لطلب إعادة النظر الجنائي :
    آثرت أن أتكلم عن هذا الأساس في آخر الدراسة نظراً لكون هذا الأساس ينطوي على ما يفيد أن شرط نهائية الحكم تعني كونه باناً، و لو بدأت به الدراسة لما كان هناك قبول على إتمامها ، و لافتقدت معنى التدرج و التمهيد في الوصول للنتيجة النهائية .
    تبين مما سبق أن طلب إعادة النظر لا يجوز إلا إذا كان الحكم الجنائي قد أصبح غير جائز الطعن فيه ، أي حكماً باتاً ، فما هو إذن الأساس القانوني الذي جعل المشرع يفتح الباب من جديد لإعادة النظر في الحكم الجنائي بعد صيرورته نهائياً ؟ 
    المعروف أن الحكم متى أصبح غير قابل للطعن ، يعتبر عنوان الحقيقة ، فلا يجوز البحث عن حقيقة أخرى غير التي عبر عنها هذا الحكم ، و بناء عليه لا تجوز إعادة مناقشة الحكم النهائي لبيان وجه العيب فيه ، فمن قضي ببراءته بحكم نهائي لا تجوز إعادة محاكمته حتى و لوثبت على وجه قاطع أنه مرتكب الجريمة التي برئ منها . ومن أدين بحكم انقضت به الدعوى في مواجهته ، لا تجوز إعادة محاكمته مرة أخرى حتى ولو ثبت بوجه لا يقبل الشك أنه جدير بعقوبة أشد لتكشف ظروف مشددة. 
    و الإستثناء الوحيد الذي سمح به المشرع هو طلب إعادة النظر في الحكم الصادر بإدانة المتهم ، للوصول إلى حكم ببراءته ، فما هو الدافع الذي حدا بالمشرع إلى وضع هذا الإستثناء ؟
    المعروف أن قاعدة حجية الشئ المحكوم فيه تقوم على فكرة " الاستقرار القانوني " و هي فكرة ضرورية لكل مجتمع منظم، إذ من العسير أن يقبل المجتمع وجود مراكز قانونية قلقة على نحو دائم لأنها محل نزاع لا ينتهي أبداً ، فالنزاع مهما اتسع و تشعبت وجهات النظر فيه ، يجب أن يقف عند حد ، هو صدور حكم حائز قوة انهاء الدعوى.
    و قد فضل المشرع اعتبار " الاستقرار القانوني " على أي اعتبار آخر إذا كان الحكم صادراً ببراءة المتهم ، إذ لا تجوز إعادة النظر في هذا الحكم و لو ثبت خطؤه على نحو لا شك فيه ....... و كذلك فضل المشرع اعتبار " الاستقرار القانوني " إذا كان الحكم صادراً بالعقوبة في مخالفة .
    أما إذا كان الحكم صادراً بالعقوبة في جناية أو جنحة فإن أشد مايؤذي العدالة أن يبقى هذا الحكم قائماً على الرغم من ثبوت خطئه, و في هذه الحالة يرجح المشرع اعتبار " العدالة " على اعتبار" الاستقرار القانوني " فيجيز إعادة النظر في الحكم بشروط و شكليات معينة تضمن جدية النزاع ، توصلاً إلى حكم جديد يعبر عن الحقيقة المطلفة . ( يراجع : د/ إدوار غالي الدهبي – مرجع سابق – ص 271 و ما بعدها ).

      الوقت/التاريخ الآن هو الأربعاء نوفمبر 27, 2024 11:49 pm